وماذا عـن حي أبو سليم؟؟
بقلم/ ليلى أحمد الهوني
يتعرض سكان منطقة ابوسليم، ومنذ سنوات طويلة إلى ظلم مزدوج، مما جعل الناس في هذه المنطقة يعانون الأمرين، فهم من ناحية قد وقعوا تحت براثن السمعة السيئة، التي لحقت بمنطقتهم، من جراء وقوع سجن ابوسليم، الذي ذاع صيته السيئ في الكثير من بقاع العالم، نتيجة لما وقع فيه من مآسي، تبدأ بسوء المعاملة والأذى والتعذيب والقتل، و تنتهي بالمجازر التي حصدت المئات بل الآلاف، من أرواح المعتقلين السياسيين الليبيين.
ومن ناحية أخرى حالة الإهمال والتهميش، التي فرضها نظام القذافي على هذه المنطقة، فالبيوت والعمارات السكنية، في منطقة ابوسليم صغيرة وضيقة، حيث تتكدس فيها الأسر والعائلات، والتي قد يبلغ عدد أفراد بعضها من 8 إلى 10 أشخاص أو أكثر، مما اضطر الكثير منهم، إلى محاولة استغلال أي مساحة موجودة في البيت لإضافة حجرة، قد تساعدهم لاستيعاب عدد أفراد أسرهم.
و لا تخطي أعين المارة من وسط المدينة، في اتجاه مطار طرابلس (مكان منطقة أبو سليم)، من رؤية ألواح الصفيح وهى تغطى الشرفات، والمضحك المبكي في الأمر، وجود لوحة إعلانات كبيرة كتب عليها بالخط العريض ( حي الأكواخ سابقاً)، وكأن بكتابة هذه العبارة، أرادوا إذلال المواطن ساكن حي أبو سليم، والمن عليه بإكرامية العهد الجديد، وهي بناء عمارات أقرب "للخرابة" من الحي السكني المحترم.
في تصوري لو أستمر الحكم الملكي لأربعين سنة أخرى، لعمرت تلك المنطقة لسكانها بالقصور والمنتزهات. علماً بأنهم، أي سكان منطقة أبو سليم، كان أهون عليهم، أن يسكنوا الأكواخ بسمعة منطقتهم الحسنة، على أن يسكنوها في أشلاء عمارات، ويسمعون عبر الفضائيات بدل المرة عشرة، اسم منطقتهم وتسبقه كلمة مذابح ومجازر!!.
ناهيك عن معاناة المواطن الليبي من سكان ذلك الحي، فحول هذا الموضوع حدث ولا حرج. إن نقص الخدمات التي من المفروض أن تقدم للمقيمين فيه، لا تعد ولا تحصى، فعلى سبيل المثال لا الحصر، قلة مياه الشرب- الانقطاع الدائم في الكهرباء - عدم توفر العيادات والمراكز الصحية العامة - محدودية المدارس وتردي أوضاع الموجود منها - انعدام الحدائق الصغيرة والمساحات الخضراء البسيطة، إلى الغياب التام لدور ومراكز الرعاية الاجتماعية للمسننين والعجزة و حتى رعاية الأطفال.
كما أن الزائر لتلك المنطقة، أي منطقة أبو سليم، يمكنه أن يلاحظ مدى الإهمال الواضح في طرق وأرصفة الأزقة، ويزداد الأمر سوءا في فصل الشتاء، بسبب عدم وجود المجاري، وأدوات الصرف الصحي، يؤدي باستمرار إلى حدوث مستنقعات مائية ملوثة، والتي يكثر بها وحولها الأوساخ، فتتحول بوجود البكتيريا والجراثيم فيها، إلى مصدر للأمراض والروائح الكريهة.
الغريب في الأمر، أن شباب منطقة أبو سليم، ليسوا كباقي شباب طرابلس، بل يعتبرهم معظم سكان المدينة، من أكثر الشباب نشاطا وحيوية وشجاعة وجرأة، مما يدفع المرء إلى طرح العديد من التساؤلات:
- هل شباب منطقة أبو سليم خلعت قلوبهم وتلظت بنار الخوف والرهبة، وأصابهم مثل الذي أصاب باقي الشعب الليبي؟ أم أن نظام القذافي قد نجح في التلاعب بعقولهم، وإيهامهم بأنهم يعيشون عيشة العز والمجد في جماهيريته؟
- وكيف لهؤلاء السكان أن يتحملون تلك السمعة الإجرامية السيئة، التي لحقت باسم منطقتهم؟
- وكيف يسمحون أن تبقى حالتهم متدنية، ومعيشتهم وواقعهم مزري، ومعاناتهم مؤلمة، ومستقبلهم غامضا، ولا يبشر بأي بارقة أمل في عيشة حرة كريمة، وهم يرون بأم أعينهم، أموالهم (أموال الشعب الليبي) تهدر بدون تفكير أو حساب، في الخارج وعلى كل من هب ودب؟
قد تكون سياسة التجاهل والتهميش، التي يمارسها نظام القذافي على سكان تلك المنطقة، قد أفلحت في تكميم أفواههم، واغماض عيونهم، ورضوخهم بالكامل لكل الانتهاكات الصارخة، التي يمارسها نظام القذافي في حق السجناء السياسيين، في ذلك السجن الواقع في منطقتهم، وأيضا قد بلد ت مشاعرهم و أضعفت همتهم وغيرتهم، على سمعة واسم منطقتهم، بذلك السجن البشع، الذي أرتبط اسمه وما يحدث فيه أمام العالم بالإرهاب والإجرام.
وأيضاً قد تكون الحالة المعيشية السيئة، التي فرضها ذلك النظام القمعي، على سكان منطقة أبو سليم، قد قيدت أياديهم، وقضت بالكامل على جميع أمانيهم وطموحاتهم، فصاروا كغيرهم من أبناء الشعب الليبي، يقبلون ويرضون بالواقع المفروض عليهم، دون أن يحرك لهم ساكن، ولكن هذا الواقع المرير، يجب ألا يمنعهم في التفكير بكافة الطرق المشروعة، في كيفية الخلاص من هذا الواقع الظالم.
هذه ليست مجرد افتراضات عادية ومنطقية، ولكنها حقائق قد يفكر فيها أو يتوقعها، أي متتبع آخر للشأن الليبي ولو كان من غير الليبيين، لأن الأفعال الظاهرة لسكان المنطقة تؤكد كل هذا.
اما على المستوى الليبي، فجميعنا نعلم ونثق، في عدم تغافل سكان منطقة أبو سليم عن المسبب الحقيقي، لهذه الوضعية التي وصلوا إليها، ونعلم جيدا حجم فطنتهم وذكائهم، وما يمكنهم القيام به، من ردود فعل قوية وواعية، منظمة ومدروسة وناجحة، تمكن سكان منطقة أبو سليم، من نيل حقوقهم الطبيعية كاملة، وتمكنهم من تغيير حالهم وحال كل الليبيين للأفضل، و أيضاً تمكنهم من بناء مستقبل حر سعيد لليبيا ، بناء ليبيا بدون حكم القذافي و آل القذافي، وكل من سار على نهجه وخطاه.
**************
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
lailaelhoni_68@yahoo.com, blaila89@hotmail.co.uk