مر على تحرير ليبيا من المردوم معمر القذافي

السبت، ديسمبر 19، 2009

آه يا ليبيا المبيوعة!.. بقلم/ ليلى أحمد الهوني

آه يا ليبيا المبيوعة!

ليلى أحمد الهوني

من يرى حال البلاد، وسلوك بعض من أهل البلاد في ليبيا اليوم، يدرك بأنها أصبحت مبيوعة، فهي مبيوعة للسراقة والنهابة في الداخل، و مبيوعة للقوى الأجنبية في الخارج، تلك القوى المتكالبة على ثروة ليبيا البترولية، والقاسم المشترك بين الذي ينهب في الداخل، والذي ينهب من الخارج، هو رغبتهم واستماتتهم في المحافظة على القذافي، وعلى سلطته وربما سلطة أولاده من بعده. ومن غيره في ليبيا؟، يمكن له أن يبيع كل شئ، من أجل أن يبقى في السلطة، فهو يتصرف في البلاد وبكل عنجهية، على أنها ملكية خاصة له ولأولاده، وأبناء عمومته وحتى أصهاره.

الجميع يعلم بأنه عندما يتحالف المال والسلطة، فأن الكثير من الأشياء تصبح "مبيوعة"، فالمعادلة بسيطة جداً وقد عرفها واستخدمها كل الحكام، الذين استبدوا بشعوبهم استبداداً شديداً و أركعوها، حتى أصبحت هذه الشعوب عاجزة، أو شبه عاجزة عن القيام بأي شئ، للحصول على حقوقها الأساسية، فالسلطة الحاكمة لتلك الشعوب، تمارس القمع و العنف، بواسطة الأجهزة التي تسيطر عليها، فتشيع الخوف بين المواطنين وتشترى الذمم، لتضمن ولاء الذين يعملون معها وتحت إمرتها، مع العلم بأنه، إذا اجتمعا الخوف والولاء، تحولت إلى سلوك "الطاعة العمياء" وهي الصفة الغالبة في تعامل تلك الأجهزة مع رؤوس السلطة، ولا ننسى بأنه عندما تدخل تلك الأجهزة الأمنية للحكومات المستبدة، في بيت الطاعة العمياء، فهذا يعنى فتح أبواب الفساد على مصراعيها.

لقد استطاع القذافي منذ السنوات الأولى للانقلاب، أن يخدع الشعب الليبي، بل وان يخدع اقرب من عمل معه من العسكريين والمدنيين، حتى تمكن من فرض سيطرته دون منافسة من احد، ليبدأ في بيع كل شيء، من أجل أن يبقى هو بمفرده على رأس السلطة، وأدرك القذافي أن السيطرة على البلاد، ممكنة باستخدام "الأجهزة الأمنية" والمليشيات والعصابات العسكرية، التي نشرها في ليبيا تحت اسم "اللجان الثورية"، وأيضاً من خلال أموال وثروة الشعب الليبي، التي سمحت له بأن يتحكم في حياة الليبيين وكما يريد، أي (بمالنا ضيع رجالنا).

لقد فتح الطاغية القذافي للمحافظة على كرسيه، الأسواق لبيع المواطن الليبي، وباعه بـ ابخس الأثمان، لأنه ليس له قيمة ولا اعتبار بالنسبة له، كما أنه باع هذا المستبد، حقوق المواطن السياسية، وبعثر حقوقه الاقتصادية، وأقصى حقوقه المدنية، وصادر بالكامل حقوقه الإنسانية، وعمل فقط على حصرها له، في الأكل والشرب والتسبيح "بحمده". كما باع القذافي أيضاً كرامة، وشرف، وعزة المواطن الليبي ، بعد أن قهره وتفنن في ذله، فأصبح صوته غير مسموع نهائياً وهو في الداخل، وعاش ويعيش فاراً، أو مطارداً أو لاجئاً، أو كسيراً ذليلاً في المنافي، وهو في الخارج.

ثم باع القذافي في سوقه، كل من عارضه ويعارضه، وذلك أما بقتله، أو سجنه، أو بتحطيم حياته سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، وباع الآلاف من الرجال والشباب الليبي، في حربه الغبية المسماة بحرب تشاد، وقبلها أوغندا ولبنان، كما باع المئات من رجالنا، عندما قتلهم بدمٍ بارد، في مدة لا تزيد عن ساعتين، في مجزرة سجن ابوسليم، وحتى أطفالنا الأبرياء لم يسلموا في أسواقه الخسيسة تلك، فقد باعهم في جريمة أخرى، من بين أكبر جرائمه (جريمة أطفال الإيدز)، وها هو مازال يبيع بالهبل وبدون تفكير، كل من تبقى من أبناء وبنات الشعب الليبي.

أما بالنسبة للدول الغربية، فقد عرف القذافي معهم قواعد اللعبة، التي تسمح له بالبقاء في السلطة إلى الأبد، فباع للقوى والمصالح الأجنبية، كل مقدرات وثروات الوطن الطبيعية والأساسية، وتعهد لهم منذ البداية، انه لن يقوم بالمساس أو العبث بهذه المصالح، وإنما سيقوم فقط بخدمتها على أكمل وجه، وقدم لهم كافة التسهيلات والعروض، للسرقة والنهب السريع، أما بالطريق المباشر، أو بالطريق الغير مباشر، وفتح القذافي أبواب البلاد على مصراعيها، أمام الشركات الأجنبية والعمالة الأجنبية، وحرصاً منه على استمرار(البيع)، قام بربط أولاده، بالمصالح الاقتصادية والتجارية الكبرى، وبالسمسرة الدولية، في مختلف المجالات المدنية والعسكرية، وجعل هذه العلاقة حكراً فقط على عائلته وأبنائه.

وحول شراء الذمم، فقد استخدم القذافي، كل ما تحت سيطرته وأيديه من أموال البترول، و أيضاً ما قام بنهبه من أموال وممتلكات الشعب الليبي، وأشترى بسخاء أصحاب النفوس الضعيفة، والأطماع الشخصية، والمتطلعين للمناصب والمراكز العالية، والذين لديهم كآفة الاستعدادات، لتقديم أنفسهم بكل خنوع، من أجل المال الوفير والثراء السريع، بغض النظر عن مدى أحقيتهم في ذلك، وبالتالي أصبح هؤلاء المنتفعين أداة طيعة ومرنة وسهلة التشكيل، بين يدي القذافي وتحت طاعته وأبنائه، فهم ينفذون أوامرهم بكل خشوع، فقد طغت المادة على عقولهم، فأصبحوا مستعدين للقيام بأي دور، مهما كان قذراً وخسيساً، ومهما كان تأثيره على وطنهم و على الآخرين سيئاً وضاراً، لا يتورعون عن تزييف الحقائق وطمسها، بل إنهم شاركوا ويشاركوا وبجدارة في تضليل الناس من خلال أفعالهم وأقوالهم، كما أن هناك العشرات من السياسيين أو المثقفين، أو من يدعون إنهم إعلاميون في ليبيا وخارجها، يقدموا خدماتهم إلى القذافي، بمنتهى الإذلال والخنوع، متغاضين عن حالة الشعب الليبي، وما تعرض له من محن خلال أربعين عاماً، من القهر والمهانة والحرمان.

لقد أصبحت اليوم، ليبيا "مبيوعة" باتفاق وتآمر الجميع، وعلى رأسهم القذافي وأعوانه والتأمر الخارجي، فالكل يبحث عن مصلحته، أما مصلحة الشعب والمواطن الليبي الضعيف، فهي ضائعة ممزقة مسحوقة، بين التحايل الداخلي للاحتفاظ بالسلطة بأي ثمن، وبين التكالب الخارجي، الذي لا يرى في ليبيا سوى مصدر للنهب و"الترييش والتهنتيش" بغض النظر عن حاكمها الدكتاتوري، وبغض النظر عن شعبها الذي تزداد كل يوم همومه ومأساته ومعاناته. وأخيراً، أود أن أنبهكم أبناء وبنات وطني الحبيب، أن هذا الوضع المتردي لليبيا، سوف لن يتوقف بل أنه سيستمر، وسوف يزداد سوءاً يوماً بعد يوم، ولن تكون ليبيا في أفضل حال، إلا عندما يدرك الليبيون، إن ليبيا الوطن قد بيعت و أصبحت "مبيوعة..مبيوعة"، وإنهم وحدهم فقط بمقدورهم أن يشتروا وطنهم من جديد وأن ينقذوه قبل فوات الأوان، وذلك بعزيمتهم وقوتهم وبوقفتهم، وقفة واحدة، صوتاً واحد، قلباً واحد، يداً واحدة.
*****************

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

lailaelhoni_68@yahoo.com, blaila89@hotmail.co.uk