الاثنين، ديسمبر 28، 2009

ما هذا يا هذا..!؟ .. بقلم/ ليلى أحمد الهوني

ما هذا يا هذا..!؟


بقلم/ ليلى أحمد الهوني


ورد في عدد من المواقع الليبية والعربية، الإخبارية منها، وحتى الاجتماعية، و الدعائية، بأنه ستعقد في ليبيا هذه الفترة، ما يطلق عليه نظام القذافي المؤتمرات شعبية، وذلك بغية مناقشة اختيار سيف الإسلام، نجل القذافي الثاني كرجل ثاني للدولة الليبية. وكنت منذ مدة ليست بالطويلة، قد أطلعت على خبر عبر نفس المواقع، مفاده بأن النجل الثاني لمعمر القذافي "سيف الإسلام"، قد تحصل على رسالة الدكتوراه في مجال "الديمقراطية ونقد الاستبداد".

ما يثير استغرابي في هذا الأمر، وهو أن سيف هذا، ألم يتعلم من جامعات بريطانيا، أو حتى من خلال وجوده وقربه من الأساتذة والمشرفين على "رسالته"، بأن للديمقراطية طرق وأساليب، بعيدة كل البعد عن انعقاد مثل هذه المؤتمرات في ليبيا، لاختياره كرجل ثاني فيها؟. أنا لم أدخل جامعات بريطانيا للدراسة، ولكن ربما أكون قد مررت بجانبها، أما راجلة أو مستقلة حافلة، حين انتقالي من مكان إلى آخر في المدينة، أو كأقصى حد كنت قد وقفت يوماً عند بابها، ولكني فقط احتككت بالشارع البريطاني، وبالعامة من الشعب البريطاني، وذلك من خلال وجودي في المستشفيات، إما أثناء عملية القلب التي أجريت لي، أو حين تعرضي لوعكات صحية من فترة إلى آخري، ومع هذا كله وعلى الرغم من تدني المستوى التعليمي، لكل من اختلطت بهم، إلا أني تعلمت بأن تطبيق الديمقراطية، وخصوصاً عند اختيار الرجل الثاني لدولة ما، لا تكون بهذا الشكل على الإطلاق، فهناك أساليب ديمقراطية، أصدق وأوضح وأنجح لمثل هذه الأمور، حتماً يكون قد اطلع عليها سيف أو مر بها، لو كان هو نفسه من أعد هذه الرسالة!!!.

إن فكرة انعقاد مؤتمرات شعبية في حد ذاتها، في ظل هشاشة هذه المؤتمرات وشكلية قراراتها، وفي ظل الخزعبلات، التي رافقتها منذ ظهورها في ليبيا وحتى يومنا هذا، وفي ظل عدم نجاحها وفشلها الذريع، وما رافقها من كذب وغش ونفاق وتزوير، وفي ظل هذا النظام القمعي الدكتاتوري الذي فرض على الشعب الليبي، هذه وحدها كفيلة بأن تضع اختيار سيف كرجل ثاني في ليبيا عبرها، موضع الشك لأن الفكرة التي طبقت بها، كانت بطريقة قمعية استبدادية، وطبعاً هذا ما يتعارض مع ما يدعيه سيف، حول موضوع رسالته وهو "نقد الاستبداد".. هذا أولاً.

ثانياً: هل يعقل لشخص، مثل سيف القذافي يدعي بأنه رجل حقوقي، أن يتقبل ما تقره هذه المؤتمرات؟، وأنت وهم ونحن نعلم وندرك جيداً كيفية إصدار القرارات من خلالها، كما أننا جميعاً نعلم جيداً، بأن الشعب الليبي يحضر انعقاد هذه المؤتمرات، بطريقة مفروضة عليه، وتحت تهديد وضغط النظام الحاكم في ليبيا "نظام والده"، ونعلم أكثر بأنه إذا حضرها وسمع ما يصدر عنها، لا يستطيع على الإطلاق أن يقول "لا" حتى ولو كان مازحاً، بل سيوافق الجميع و بالإجماع، بدون أي نقاش أو جدال، لأنهم لو قال أحدهم "لا" فمؤكد، سيكون مصيره كمن سبقوه، أما الاعتقال، أو القتل التدريجي.

إذاً، وحتى لا يزداد الأمر سوءاً وتعقيداً، وحتى لا يتفاقم الأمر، ويصبح كارثة بالمعنى الحقيقي لهذه الكلمة، لابد أن يختار سيف بين هذان الاختياران، اللذان لا ثالث لهما:

الأول: أما أن يوقف هذه المهزلة، التي حتما ستزيد من حجم معاناة الشعب الليبي، وستضيع بالتالي آمالهم وأحلامهم بالكامل، وخصوصاً عند سيطرته شيئاً فشيئاً، بهذه الطريقة الفوضوية (البعيدة كل البعد عن الديمقراطية)، على السلطة والحكم في ليبيا، الأمر الذي ينذر باستمرار نفس طريقة والده في الحكم، دون أي تحديث أو تغيير.

أو بالاختيار الثاني: وهو بأن يعلنها على الملأ، وخصوصاً للمتطلعين من الليبيين في الداخل، وكذلك المطبلين من المنافقين والمتملقين، أو اؤلئك الاستغلاليين والانتهازيين القادمين إلى ليبيا، في المدة الأخيرة من الخارج، أو هؤلاء العرب أصحاب المصالح والمستفيدين، أو حتى من باقي شعوب العالم، المحتالين و"الطماعين" في ليبيا وثرواتها، بأنه قد فشل في إمكانية، تغيير أو حتى تحسين نظام والده المستبد، حيث الأمر كان أكثر وضوحاً، حتى في طريقة اختياره كرجل ثاني للدولة الليبية، والذي كان من المفترض أن يكون الاختيار، بطريقة أكثر ديمقراطية وأكثر نزاهة وشفافية ووضوح، إلا أن طريقة والده القمعية، عادت وفرضت نفسها على الشعب الليبي، بدون أي مراعاة لرغبة الشعب الحقيقة، في مثل هذه المسائل.

أبناء وبنات شعبي الليبي، إن مصلحتكم الحقيقية، هي في اختياركم الأفضل لمن سيحكمكم في الغد، فلا تغريكم الوعود ولا تغرقكم في الأوهام والأحلام العهود، فالقذافي الأب عندما استولى على الحكم في ليبيا، لم يقل بأنه سيحكمها بالحديد والنار، ولم يقل بأنه سيعلق المشانق في الجامعات، وسيشنق فيها الطلبة العزل الأبرياء، ولم يقل بأنه سيرسل خيرة شبابنا الليبي، لحرب لا ناقة ولا جمل لنا فيها، ولم يقل بأنه سيغرقنا في جرائم مع العالم الخارجي لا حدود لها، ولم يقل بأنه سيعتقل ظلماً أبناؤنا، ولم يقل بأنه سيقتل غدراً رجالنا، ولم يقل بأنه سيفقر حالنا، وسيشرد وسيهلك وسيقتل أطفالنا، بل أدعى منذ خطابه الأول في ذلك اليوم الأسود، ووعد الشعب الليبي بأنه سيكون في أفضل حال، حيث قال:

(لا مهضوم ولا مغبون ولا مظلوم ولا سيد ولا مسود ، بل إخوة أحرار في ظل مجتمع ترفرف عليه ( إن شاء الله) راية الرخاء والمساواة ، فهاتوا أيديكم ، وافتحوا قلوبكم ، وانسوا أحقادكم وقفوا صفا واحدا ضد عدو الآمة العربية عدو الإسلام عدو الإنسانية ، الذي أحرق مقدساتنا وحطم شرفنا وهكذا سنبني مجدا ونحيي تراثا ونثأر لكرامة جرحت وحق اغتصب).

هذا ما قاله في خطابه في ليلته المشؤومة تلك، وما مرت إلا بضعة شهور قليلة على انقلابه، حتى سقط القناع وكشفت الأنياب، عن مكر وخداع وحقد صاحبها، فأعتقل من أعتقل، وقتل من قتل، ولم يسلم منه حتى أقرب الناس إليه، ويوماً بعد يوم إلى أن وصل حالنا إلى ما هو عليه الآن، بعد 40 عاماً من الهم والغم والبلاء والفساد و.. و.. و..الخ. وها هو القذافي الابن اليوم، وكأن التاريخ يعيد نفسه، يقف بين الحين والآخر، ليرش علينا مزيداً من الوعود والأماني الكاذبة، ويتعهد لنا بغدٍ، موهماً إيانا بأنه سيكون الأحسن والأفضل.

لا يا أبناء وبنات ليبيا الغالية، أقولها لكم صراحة، سوف لن تتحقق لكم آمالكم ولا أحلامكم، في وجود أي شخص من هذه السلالة "القذافية"، ولينتبه الجميع بأن ليبيا ليس بها أبناء القذافي فقط، أو أنها لم تلد رجال غيرهم، لا يا أبناء وبنات وطني، ليبيا بها رجال أوفياء صناديد، لهم ماضي حراً كريماً ومجيد، وحاضر مشرف وأصيل، ويحلمون لوطنهم بمستقبل، زاهر مشرقاً وسعيد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

lailaelhoni_68@yahoo.com, blaila89@hotmail.co.uk