مر على تحرير ليبيا من المردوم معمر القذافي

الثلاثاء، نوفمبر 08، 2011

قد تحررنا و حررنا الوطن.. بقلم/ الدكتور محمد المبروك

لن نعود للقيود ... قد تحررنا و حررنا الوطن

( من أجل ليبيا الحبيبة )



بقلم/ الدكتور محمد المبروك

ما حدث خلال اثنين و أربعين سنة من قتل وتشريد و حرمان من الثروة و الفرص التعليمية و الوظائف لا زال ماثلاً في أذهان كثير من الناس في مناطق مختلفة من ليبيا، الأدهى أن بعض هذه الممارسات لا زالت مستمرة.ما يحدث من تهميش لمناطق كبيرة من ليبيا ، مجالس محلية شُكلت بعد الثورة مباشرة و هي غير ممثلة في المجلس الوطني، فالجبل الأخضر (مجلسان محليان : البيضاء، شحات) عدد سكانه (206,180 ) نسمة ، المرج و عدد سكانها ( 184,531 ) نسمة ، اجدابيا و المناطق المحيطة بها عدد سكانها ( 179,155 ) نسمة ، أبناء هذه المناطق ليس لها ممثلين في المجلس الوطني و لا في المكتب التنفيذي الذي يسيطر عليه أناس من فكر و اتجاه واحد ، كما أن بنغازي الكبرى (674،951 نسمة)
غير ممثلة تمثيلاً يليق بتاريخها و بتنوعها و مساحتها الكبيرة ، فأعضاء المجلس الوطني عن مدينة بنغازي لا يعكسون ما نصف به بنغازي من أنها مدينة في وطن و وطن في مدينة.
التعيينات و التكليفات التي تصدر عن طريق المجلس الوطني و المكتب التنفيذي تخلومن الشفافية ، لم نر السير الذاتية لمن تم تعيينهم أو تكليفهم بمهام، أشخاص يكلفون بمناصب ثم تسحب منهم، أشخاص تتم اقالتهم ثم يعودون إلى المكتب التنفيذي، الناس تتساءل : ما الذي يحدث وراء الأبواب المغلقة؟ البعض يخرج على شاشات التلفاز و في كل مرة يقدم نفسه بمهمة مختلفة، تصريحاتهم لا تدل أبداً على فهمهم أو خبرتهم للمسؤوليات أو المناصب التي منحت لهم، ليس لهم معرفة باساليب الإدارة، و لا كيفية التعامل مع الإعلام ، ليس لهم خطة عمل، لا أهداف و لا رؤية للنهوض بالقطاعات المختلفة.

هناك تغييب واضح لمؤسسات المجتمع المدني ، و هذا يمنع المؤسسات من الإضلاع بدورها الرقابي، فالصحافة في الدول الديمقراطية لها دور كبير يعترف به الجميع، فهي من أسقطت الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون عندما كشفت دوره في فضيحة ووترجيت، و هي التي كشفت حفلات أبناء الطاغية في وقت يكدح الليبيون والليبيات من أجل لقمة العيش، و هي التي تكشف الإنحرافات و آخرها فضيحة التنصت التي هزت امبراطورية روبرت مردوخ في بريطانيا .
في الأونة الأخيرة ، قام المجلس الوطني باختيار السيد عبدالرحيم الكيب رئيساً للوزراء، لكن هناك أسئلة تستحق اجابات ، نحن لم نعرف السيد عبدالرحيم ، ولم نعرف برنامجه و خططه لتسيير أمور البلاد حتى يتم اختياره ، لا نعرف الآلية التي تم بها اختيار المرشحين لرئاسة الوزراء، هل لعبت العلاقات الشخصية دوراً؟ هل طُلِب من كل منطقة في ليبيا أن ترشح شخصية ؟ السؤال الذي ينبغي لكل ليبية وليبي أن يساله هو: كيف لواحد وخمسين عضواً في المجلس الوطني أن يقرروا مصير ليبيا و ينتخبوا رئيسا للوزراء لا نعرف برنامجه ولا توجهه السياسي؟ استغربت أيضاَ قول رئيس الوزراء الجديد بأنه سيشكل حكومة خلال أسبوعين، سؤال نريد الإجابة عليه من الجميع : كيف سيتم اختيار الوزراء خلال أسبوعين أو حتى خلال عشرة أسابيع؟ هل سيكون لجماعة American Libyan freedom alliance (التحالف الليبي الأمريكي من أجل الحرية ) ، نصيب الأسد في تلك الحكومة ؟ هل سيتولى فيها السيد على الترهوني وزارتي النفط و المالية ؟
الجميع يقر بأننا نريد بناء دولة حديثة و ديمقراطية يشارك فيها الليبيون والليبيات ، ينتخبون ممثليهم وحكومتهم التي يراقبون أداءها و تكون مسؤولة أمامهم جميعاً، المجلس الوطني وعد الناس بأنه بسقوط الطاغية ستنتهي مهمته و مهمة المجالس المحلية ، لكن المجلس الوطني بقى في برجه ولم يتطور، نعم كان للمجلس دوراً في المرحلة الماضية ، لكنه أخفق في تدارك مماراسات كان بالإمكان تداركها وهي كالآتي :
· تم تهميش المجالس المحلية المختلفة ، بحيث لا يوجد ممثلون لهذه المجالس في المجلس الوطني، وأصبح المجلس يعمل بمنأى عن الحكومات المحلية (المجالس المحلية) ، هذا الأمر لم يعزز من نظرة الناس إلى المجالس المحلية كسلطات تنفيذية أو تشريعية.
· تجاهل الشأن العام الداخلي و التركيز على العلاقات الدولية ، من زيارات و لقاءات ، هذا الجانب مهم لكن بالمقابل لم يكن هناك اهتمام بالشأن الداخلي .
· الاستخفاف بالرأي العام ، عدم الإهتمام بمؤسسات المجتمع المدني، و اتخاذ مواقف عدائية تجاه الصحافة ، كلها ممارسات غير ديمقراطية تشكل سوابق خطيرة لما هو آت.
· عدم فرض اجراءات الشفافية أو تبنيها فيما يخص القرارات و البرامج التي أخذها المكتب التنفيذي أو طبقها، و لم يقدم المجلس للشعب رؤية واضحة للمرحلة الحالية أو القادمة.
· المناطق المختلفة في ليبيا قدمت الشهداء و الجرحى و الثوار من أجل أن يمثلوا في الدولة و من أجل المشاركة في القرارات الاقتصادية و السياسية و الإجتماعية، عدم وجود رؤية واضحة للتقسيم الإداري للدولة جعل بعض المناطق تتصرف باستقلالية وكأنها دولة داخل الدولة، يجب أن تكون هناك مشاركة لهذه المناطق ، يُنص عليها بوضوح في الدستور الجديد.

· الليبيون خرجوا كلهم من أجل الديمقراطية ، فأين الديمقراطية عندما يتشكل مجلس وطني لا يمثل مناطق كبيرة و لها وزنها التاريخي و النضالي ؟ أين الديمقراطية و البعض يشكل حكومة دون الرجوع إلى الشعب ودون حتى اعتبار للرأي العام ؟
أعتقد أن بناء ليبيا الحديثة يحتاج للعقل و المنطق و تغليب المصلحة العامة على الخاصة، نريد أن نضع تصوراً تشارك فيه مؤسسات المجتمع المدني كلها، و تساهم فيه المناطق الليبية كلها، و ننتهج الشفافية درباً لنوضح اجراءات وقرارات مؤسسات الدولة المؤقتة، يجب أن لا نسمح للتاريخ أن يعيد نفسه ، يجب أن لا يسيطر فرد ، قبيلة أو تحالف قبائل على مقدرات و ثروات البلاد ليقمعوا الناس ، ليقتلوا أبناءنا و بناتنا ، الليبيات و الليبيون كلهم قدموا الثمن ، و الدماء روت المدن و القرى الليبية ، لا فضل لليبي على ليبي آخر إلا بالعطاء للوطن .
في هذا الوقت بالذات نحتاج لخطوات لبناء الثقة ، المشاركة في الحكم ، الشفافية ، بناء المؤسسات الوطنية ، لذلك أقترح بعض الخطوات التي رأيت أنها ضرورية في الوقت الراهن ، وهي كالآتي :
· انتخاب مجلس وطني تأسيسي جديد يكون أعضائه من المناطق الليبية المختلفة بما فيها المناطق التي تحررت أخيراً ، و يحدد عدد الأعضاء على أساس عضو عن عدد معين من السكان(عضو عن كل أربعين ألف من السكان) و نعتمد التعداد السكاني لعام 2006م.
· يشكل المجلس التأسيسي الحكومةَ المؤقتة و يكون أعضاؤها من المستقلين و من مختلف المناطق في ليبيا.
· ينتخب هذا المجلس التأسيسي اللجنة التأسيسية التي تضع الدستور الجديد، بحيث تشكل هذه اللجنة من مختلف المناطق و الإتجاهات السياسية.
· تكون من ضمن صلاحيات المجلس التأسيسي الإشراف على الحكومة المؤقتة التي تكلف بتسيير الخدمات الأساسية التي تصل إلى الناس، و بالتحديد توفير السلع التموينية، تسيير المدارس و الجامعات، تحسين وسائل الاتصالات و المواصلات، الإشراف المباشر على موظفي القطاع العام لمتابعة أدائهم لعملهم و توفير الرواتب لهم.
· لا ينشيء المجلس التأسيسي الجديد و لا الحكومة المؤقتة أية عقود جديدة، بل يفسحوا المجال أمام الشركات الأجنبية و المحلية لانجاز العقود السابقة خاصة في برامج بناء المساكن و الطرق و المطارات.
· تشجيع القطاع الخاص الليبي بتسديد مستحقاته لدى الدولة الليبية، و ذلك لتنشيط هذا القطاع و لكي يساهم في الاقتصاد الوطني و ليتمكن من تسديد التزاماته تجاه العاملين فيه.
· التشاور مع المجالس المحلية و مع المؤسسات المختلفة للتوافق على أفضل السبل السلمية لجمع السلاح بطريقة مشرفة و تدريجية ، يساهم فيها الجميع.
· وضع أفضل الخطط لبناء الجيش الليبيي على أسس جديدة ، و تحديث جهاز الشرطة ، وتأسيس جهازي الأمن الداخلي و الخارجي للحفاظ على أمن الوطن و المواطن ، و هنا أقترح تشكيل لجنة مشتركة للاطلاع على تجارب الدول المختلفة ، و تقديم تقرير إلى المجلس التأسيسي و الذي بدوره يقدمه إلى الليبيات الليبيين عبر وسائل الصحافة المختلفة.
· تطوير التعليم باعتباره أساساً للتغيير في ليبيا الحديثة، بحيث تطور فلسفته ، مؤسساته ، مناهجه و اتجاهاته ، ليخدم التطور و التقدم بتدريب و تأهيل المهنيين و الحرفيين و القيادات التي تحتاجها الدولة.
· نظراً لقلة عدد السكان في ليبيا مقارنة بعدد السكان في الدول المجاورة ، ونظراً لما تعرض له الشعب الليبي من قهر و اضطهاد، وصل إلى حد الاعتداء على الحرمات، فان التدريب على السلاح هو واجب وطني ، ويتم ذلك بالتركيز على تحسين مهارات المواطن الليبي في الذود عن بلاده وعن حدودها.
في الختام اقول أن مشاركة المناطق المختلفة و التركيبات السياسية المختلفة ، وعدم تهميش أبناء ليبيا سواء كانوا مستقلين أو منتسبين لمؤسسات المجتمع المدني بما فيها الأحزاب المختلفة و الصحافة الحرة ، و التوزيع العادل للخدمات و السلطة و الثروة ، هي الضمانات الأساسية ليطمئن الناس للعيش في دولة حرة مستقلة ينعم فيها الجميع بالعدل و المساواة. الشعب الليبي كله يرفض سياسة الحكومة المركزية ، و و محاولة استئثار البعض بالحكم ، و سياسية الباب العالي في التوظيف ، اطلاق الفرمانات و تقرير مصير البلاد دون الرجوع إلى الشعب .

دكتور محمد المبروك

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

lailaelhoni_68@yahoo.com, blaila89@hotmail.co.uk