مر على تحرير ليبيا من المردوم معمر القذافي

السبت، أغسطس 31، 2013

الربيع الأزوادي.. بقلم/ الأستاذ أبو بكر الأنصاري

الربيع الأزوادي 
بين طموح الاستقلال وماضي الضعف والاستغلال



بقلم : الأستاذ  أبو بكر الأنصاري

 منذ استقلال مالي عن الاستعمار الفرنسي وجد الإنسان الأزوادي صعوبة في الاندماج بهذه الدولة التي يعيش على هامشها فهو مواطن من الدرجة العاشرة حتى الحيوانات البرية تحظى بحقوق لا يطمح هو في الحصول على 05% منها .
وقد حاول المثقف الأزوادي ولاسيما الناطق بالعربية التعريف بمعاناته وتعريف محيطه الإقليمي والدولي بها لكنه اصطدم بواقع لا صوت يعلو فوق صوت البندقية وعندما اخذ أصحاب البندقية زمام المبادرة وجدوا أنفسهم بين أنياب دول إقليمية متكالبة عليهم تربطها بمالي اتفاقيات أمنية لتسليم او تقزيم المعارضين .
ومن المعلوم أن الكثير من الجهود بذلت وتبذل من قبل الازواديين لإقناع العالم بأنهم أصحاب قضية عادلة وقضية يجب أن تأخذ مكانتها اللائقة من بين قضايا الشعوب التي ضحت وقدمت الغالي في سبيل الحرية والكرامة لاسترجاع حقها المشروع في تقرير المصير والشعب الازوادي في هذا ضحي من اجل السلام و ينبذ جميع أنواع العنف ويرى أن استعمال القوة في نيل المطالب هو أخر الحلول . 
وهكذا وقعت ثورة كيدال عام 1963 ضحية لحرب الرمال بين الشقيقتين الجزائر والمغرب حول إقليم تندوف والتي انتهت بوساطة أول رئيس لمالي موديبو كيتا المدعوم من جمال عبد الناصر فقامت الجزائر والرباط بتسليم من لديهم من معارضيه له مقابل وقف إطلاق النار وفي عام 1973 اندلعت مشكلة الصحراء وحركت كلتا الشقيقتين وبمساعدة الرئيس المصري الراحل أنور السادات آلتيهما الدبلوماسية لإطلاق سراح قادة ثورة كيدال وتم ذلك عام 1976 .
ومنذ ذلك نمت أجيال من الازواديين تعمل سرا وعلانية لتشكيل تنظيمات عسكرية وسياسية لمقارعة النظام المالي واستغل الزعيم الليبي الراحل القذافي هذه المشاعر ووجه دعوة للطوارق والعرب للهجرة الجماعية نحو ليبيا وإخلاء مناطقهم ليحل وافدين من الجنوب المالي مكانهم حتى تغيرت البنية السكانية لمدن كبرى مثل تمبكتو وجاو وقندام وغيرها بينما عاش الازواديون الذين انتقلوا إلى ليبيا وضع يشبه البدون في الكويت فلا هم ليبيين ولا هم ماليين كما يقال " لا بلح الشام ولا عنب اليمن " يستغلهم القذافي في حروبه في تشاد ويرسلهم إلى فلسطين ولبنان ليموتوا في صراعات لا ناقة لهم فيها ولا جمل كما جعل منهم حراسه الشخصيين وحراس لسجون معارضيه ليزرع في نفوس الليبيين كراهيتهم . 
وكلما قام الازواديون بثورة تأمر القذافي عليها فاشترى ذمم من رضي وسعى لقتل من يرفض وجعل من نفسه صنما يقدسه الآلاف من أبناء أزواد من اجل مرتبات وامتيازات تافهة وصار يشعل التنافس بين القبائل للتقرب منه وأصبحت الدماء الازوادية تسفك في مدن الجنوب الليبي من اجل الوصول للمؤتمرات الشعبية الأساسية وبلغت المهانة أقصى درجاتها عام 2008 عندما سخر القذافي من الازواديين في اجتماع اوباري عندما قال لهم بصراحة إنه ضد قيام دولة لهم لان ذلك يتناقض مع تأسيس الاتحاد الإفريقي الذي نصب نفسه من خلاله ملكا لملوك إفريقيا وذهبت انجازات وتضحيات أجيال من الازواديين أدراج الرياح من أجل التسويق للقذافي على أنه الراعي السامي والدائم للأمن والسلام في فضاء " س ص " وما وراءه .
من هنا نريد أن يفهم الشباب الأزوادي أن ما يحدث في العالم العربي من ثورات وتطورات يؤثر سلبا آو إيجابا على نضاله من أجل الحرية والاستقلال وان هناك صراع في الغرب بين قطبيين أحدهما يعمل على منح الازوادين استقلالهم " البيض في أمريكا " وآخر يسعى لدفن طموحهم وربطهم بالإرهاب وأفغنة أرضهم وقضيتهم " فرنسا واللوبي الزنجي " وعليهم أن يفهموا ما يجري وما علاقته بمعاناتهم .
وان ما يحدث في مصر له انعكاساته على القضية الأزوادية لأن مصر في عهد جمال عبد الناصر او ما عرف بثورة يوليو للضباط الأحرار 1952 ساهموا بقسط كبير في معاناة شعبنا الجريح فشجعوا فرنسا على دمج أزواد في مالي بحجة الحيلولة دون قيام دولة طارقية تفصل العالم العربي عن عمقه الإفريقي الأسود وقامت المخابرات العامة المصرية فرع إفريقيا في عهد عبد الناصر ومن خلال من درسوا بالجامعات المصرية من أبناء المنطقة بإيهام السنغاي والفلان في الخمسينات بأن الطوارق ديكتاتوريين وسوف يجعلونهم عبيدا كما صارت القاهرة مصدر كبير للتسليح الجيش المالي .
و أبرم جمال عبد الناصر صفقة مع زعماء إفريقيا السوداء عام 1958 أمثال هفوت بويني رئيس ساحل وموديبو كيتا رئيس مالي وصنغور رئيس السنغال بضم أزواد لمالي مقابل الحصول على دعم إفريقيا السوداء لدول الطوق " الوحدة بين مصر وسوريا " في الصراع العربي الإسرائيلي لذلك سكت العالم العربي عن معاناة الشعب الأزوادي لأن من يقومون باضطهاد هذا الشعب يقاطعون ويعادون إسرائيل ولأن جمال عبد الناصر كان محبوبا للجماهير العربية هو وفنانيه " محمد عبد الوهاب وام كلثوم " زمن الفن الجميل . 
وأصبحت جرائم مالي تجد تفهم من الأنظمة العربية و صار الإعلام العربي الرسمي ينقل وجهة نظر الحكومة المالية ويسوقها على أنها ديمقراطية تعاني من تمرد قطاع الطرق وإرهابيين طالبانيين الخ .
 ومع ارتباط مصر ومالي بالاتحاد السوفييتي في زمن الحرب الباردة توثقت العلاقات المالية المصرية كما حشدت مصر دعم دول عدم الانحياز والنظام الرسمي العربي لصالح دولة مالي و قام نظام مبارك بتشجيع دول الخليج على التعاطف مع مالي بحجة أنها دولة تساند التحالف المعادي للعراق في حرب الخليج الثانية وإنها رفضت المد الشيعي للثورة الخمينية.
 وفي ثورة 1990 غنمت الجبهات الازوادية الكثير من الأسلحة المصرية المقدمة لجيش مالي حتى أن الشهيد مولاي سليمان القائد العسكري للجبهة العربية الإسلامية لتحرير أزواد عرض بعض الأسلحة المصرية المقدمة لجيش مالي على الإعلام الموريتاني عام 1991 وهو ما دفع السفارة المصرية آنذاك الى تحريك بعض الناصريين والقوميين العرب للضغط على الجبهة العربية لاحتواء الموضوع بعدما كادت تلك الفضيحة أن تعصف باحترام مصر ومكانتها لدى الشعبين الموريتاني والصحراوي المتعاطفين مع أزواد.
أما العراق وسوريا فكل منهما حاول بطريقته الخاصة عبر البعثيين الموريتانيين او من عرب أزواد إيجاد موطئ قدم لهم في الساحة الأزوادية لكن سيطرة القذافي المطلقة في أزواد وقوة تأثيره على الجبهات حال دون وجود اي دور فاعل لسوريا والعراق في أزواد ولذا كان موقفيهما يوصف بالحياد فالبعثيين الموريتانيين لعبوا دورا في منع مالي من الحصول على اي دعم عراقي او سوري حيث لا يوجد طرف أزوادي يمكن للعراق او سوريا التعاون معه بسبب قوة نفوذ القذافي كما ترفض دمشق وبغداد تقديم أي دعم عسكري او استخباري لمالي ضد العرب او الطوارق الذين يعتبرهم حزب البعث جزء من أمته الواحدة ذات الرسالة الخالدة.
وعليه يتعين على الشعب الأزوادي أن يعي بأن ثورة مصر التي أطاحت بحسني مبارك أسقطت نظام كان داعم لمالي ضد شعبنا والثورة الليبية أسقطت ديكتاتور أجرم في حق شعبنا أكثر مما أجرمت مالي نفسها وأن على الربيع الازوادي أن يكون واعيا ويتحاشى إخفاقات الربيعين المصري والليبي .
كما يتعين على الشعب الأزوادي أن يفهم أن فرنسا جاءت لأزواد من أجل نهب ثرواته لأن العالم الغربي يعاني من أزمة اقتصادية خانقة وتريد فرنسا وضع يدها على نفط وغاز ويورانيوم أزواد ومياهه العذبة عبر شيطنة الأزواديين ومقاومتهم الشريفة وربطهم بالإرهاب لتقوية اقتصادها المنهار ثم تتصدق على مالي مما تنهبه من خيرات شمالها مع إيهام مالي بأنه لولى فرنسا لقسمت مالي وصارت إمارات إسلامية متحدة يحكما بلعور واياد غالي وسندة بوعمامة ويصبح الشعب المالي رهينة لهذه الكذبة لعقود والاعتراف بالجميل لفرنسا التي طردت البيض والجماعات الإرهابية وأعادت الإقليم لمالي .
كما تعمل فرنسا بنفس إستراتيجية القذافي شراء ذمم بعض الفاعلين من زعماء تقليدين وقادة فصائل أزواد وأغلبهم من المثقفين بالفرنسية أو حتى بعض القادمين من ليبيا من اجل القبول بصيغة من اللامركزية التي نص عليها اتفاق باماكو عام 1992 بحجة أن الازواديين قاصرين ومنقسمين في نظر فرنسا والمنظومة الإفريقية ويستشهدون بسيطرة الحركات الجهادية على الإقليم قبل التدخل الفرنسي وخروج الحركة الوطنية من المدن الكبرى في أزواد.
 وعليه فإن المخرج من هذه الوضعية يكمن في مايلي :
الإسراع في عقد مؤتمر شامل لجميع الحركات والتنظيمات والأحزاب والجمعيات الأزوادية من أجل بناء تكتل وطني يضم جميع القوى مثل التحالف الكردستاني او منظمة التحرير الفلسطينية او قوى 14 آذار اللبنانية يحتفظ فيه كل فصيل باستقلاله التنظيمي وخصوصيته لكنه جزء من منظومة وطنية أكبر من أجل مواجهة المخططات الفرنسية ولإيصال قضية أزواد إلى بر الأمان .
والعمل على وضع مبادئ وأهداف ووسائل لهذا التكتل تقود لإنجاح المشروع الوطني الأزوادي مشروع المقاومة الوطنية الشريفة الذي تناضل من أجله القوى الوطنية من اجل استتباب الأمن حتى تتمكن الشركات الغربية من التنقيب واستخراج الثروات الطبيعية من خلال عقود واضحة مع برلمان دولة أزوادية بقيادة أبناء شعب أزواد آمنة مستقرة فاعلة في محيطها الإقليمي والدولي فيدراليية بين ثلاثة إقليم هي تينبكتو وغاو وكيدال . لكل إقليم برلمان محلي وحكومة محلية بالإضافة إلى البرلمان الاتحادي الأزوادي و أن تكون هناك حكومة اتحادية أزوا دية يكون النظام المحلي لكل إقليم برلماني يختار نوابه المحليون المناصب السيادية داخله بشكل توافقي بين القبائل والتنظيمات ضمن قانون داخلي يكتبه أبناء كل إقليم بما يتناسب مع خصوصيته السكانية وتوازناته الاجتماعية ويختار كل إقليم ممثليه في المناصب السيادية الاتحادية ووزرائه في الحكومة الاتحادية.
 ويكون النظام الاتحادي الأزوادي نظام برلماني يختار فيه النواب الاتحاديون قادة المناصب السيادية بشكل توافقي وفي سلة واحدة من أبناء الأقاليم الثلاثة بأن يكون رئيس الجمهورية من غاو , ورئيس الحكومة من تمبكتو , ورئيس البرلمان من كيدال , ورئيس مجلس الشيوخ أو الأعيان الغرفة الثانية للبرلمان من البرابيش , ورئيس المجلس الأعلى الاقتصادي والاجتماعي من السنغاي , ورئيس المجلس الأعلى للقضاء من الفلان مثلا ولكل منهم صلاحياته التي يحددها دستور البلاد, كما تتوزع الوزارات السيادية بمعدل وزارة سيادية لكل إقليم وذلك بشكل توافقي وضمن دستور وطني أزوادي يكتبه أبناء أزواد من خريجي كليات الحقوق والعلوم السياسية والشريعة الإسلامية لبناء دستور وطني مستمد من الشريعة الإسلامية حتى نبني دولة الأصالة والمعاصرة دولة متقدمة شعبها مسلم متدين آمنة مستقرة فاعلة في محيطها الإقليمي والدولي .
إن النضال السلمي أجدى وأنفع للقضايا العادلة من الحروب والصراعات وأن المقاومة الذكية عبر القلم أفضل من العنتريات الكاذبة كما أن الدعوة إلى الإسلام تبدأ من تلميع صورته ثم تشجيع الجاليات الإسلامية في الدول الغربية على المشاركة السياسية في بلدانهم والدخول في تحالفات لخدمة قضاياهم وتلميع صورة الإسلام وجعله رقم صعب في سياسة بلدانهم التي يحملون جنستها والمساهمة في تعديل دساتير وأنظمة وقوانين بلدانهم لمنح الدين الإسلامي مكانة تساوي بقية الأديان السماوية الأخرى في الغرب واستصدار قوانين وتشريعات تجرم الإساءة للإسلام ونبيه ورموزه وتجريم الإساءة للشعوب المسلمة مثل قوانين معاداة السامية وقوانين تجريم إنكار مذبحة الأرمن.
****************

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

lailaelhoni_68@yahoo.com, blaila89@hotmail.co.uk