فئات وسيارات
كتبت هذا المقال بمناسبة توزيع سيارات (رينو) على مواليد "الفاتح"
بقلم/ ليلى أحمد الهوني
عاش الشعب الليبي على مدى السنين والأعوام قبل انقلاب سبتمبر، شعباً متحاباً متساوي متقارب، لم يعرف يوماً معنى التفاوت الطبقي، أو هذا فقير وهذا غني، هذا يملك وهذا لا يملك، بل كانوا يُعرفون بأخلاقهم النبيلة وطباعهم الطيبة، والتعاون المستمر دون انقطاع بين كل أفراده وبين كل العائلات والأُسر الليبية.
بعد حدوث الانقلاب سعى الإنقلابيون وبزعامة القذافي، إلى خلق كل أنواع التفاوت، وإلى انتشار الفروقات الفردية بين الشعب الواحد، وتقسيمه إلى شرائح وفئات. لم يفلح الإنقلابيون في بادئ الأمر، ولكنهم استمروا في مساعيهم بشتى الطرق، في زرع الفتن والفروقات بين أبناء شعبنا. وخطوة فخطوة ويوماً بعد يوم، وصل المواطن الليبي إلى أسوأ حالات الفروقات الاجتماعية.
فالآن في بلدي الحبيب ليبيا، وفي ظل نظام القذافي الحالك السواد، يعاني شعبنا الليبي بجميع شرائحه، وبمختلف مستوياته من فروق طبقية، فرضها عليه نظام القذافي، وبثها بين صفوف المواطنين الليبيين دون إن ينتبهوا لذلك. فلقد قٌسم أفراد المجتمع الليبي إلى شرائح و فئات وطبقات، وصرت تتعرف عليهم فقط بمجرد مرورهم من جانبك بسياراتهم، ولعل هذه أحد الوسائل التي أستخدمها القذافي في تفرقت وتدمير الشعب الليبي.
فأنت أيها المواطن، وأثناء جلوسك في أحدى المقاهي المطلة على إحدى الشوارع الرئيسية، صرت تتعرف على صفة سائق السيارة ومهنته بدون أن تتعب في السعي للتعرف إليه، أو أن تكلف نفسك البحث عن شهادته العلمية، أو ما هو مجال تخصصه و دراسته.
فعلى سبيل المثال، عندما تشاهد (ميتسوبيشي) من موديل (جيلانت)، فكن على ثقة بأن من يقودها هو احد أفراد القوات المسلحة الليبية، وعندما ترى (ماكسيما أو مرسيدس) من ما يسمونهم الفئة الخامسة، فتأكد إن من يقودها ذو طبقة قذافية، وعندما تشاهد سيارة (ميتسوبيشي) من موديل (لانسر) فهذا هو الأكثر كدحا في المجتمع الليبي (المعلم)، وفي اغلب الأحيان إذا وجدت التي تقود السيارة امرأة وليست رجل، فلا تستغرب لأن الوساطة في سيارات المعلمين، تركزت على العنصر النسائي أكثر من العنصر الرجالي. وعندما تشاهد سيارة (ليبو)، فحاول أن تتفقد من هو الشخص الذي يقودها، لأنه هناك احتمال كبير وكبير جدا، انه فنان ليبي مشهور، فهي مخصصة للعاملين بهيئة الإذاعة الليبية عموماً والفنانين خصوصاً. وعندما تمر بجنبك (هونداي) لا تكترث كثيراً، لأن من يقودها هو في الغالب موظف حكومي بائس، لا حول له ولا قوة (ما فيشي طميعة). ابحث بين طوابير السيارات سيارة (جولف)، لعل الظرف يسمح لك بالتعرف على سائقها، لأن صاحبها طبيب، يخدم ليلاً في المستشفى العام، ونهاراً في عيادته الخاصة، فأنت بالتأكيد ستحتاجه في يوم من الأيام ليلاً أو نهاراً.
وهناك سيارات تخونني ذاكرتي في ذكر أسمائها أو موديلاتها، لأني غير معتادة عليها، ولا تعرف للشوارع العامة طريق، طريقها محدود ومحدود جدا (غرغور ـ سرت)، فهي تمر كالطائرة وسائقيها أشباح، يختفون خلف زجاج السيارة الأسود اللون كسواد حياتهم، فإنك أيها المواطن الشريف لا تستطيع معرفة شخصية من يقودها، أو عمره، أو رتبته، أو شهادته، أو مستواه التعليمي، فقط يمكنك متابعة قيادته، فبالتالي ستتعرف عليه تلقائيا من خلال سرعته وتهوره.
خذ نفسا عميقا، وفكر من يكون هذا الشخص!!!؟
لا تفكر طويلا، ولا تتعب كثيرا، فهذا من تلك الزمرة الظالمة، التي تحكم وتفرض سيطرتها ونفوذها ودكتاتوريتها وحكمها الطاغي، على شعبنا الليبي الحبيب، فهم يطبقون علينا أفكارهم، ويتحكمون بنا بسرعة وتهور كبير، وفشل أكبر كقيادتهم لسيارتهم.
أعزائي القراء..هذه هي المساواة "الحقيقية" بين أفراد الشعب الليبي، التي ينادي بها القذافي ونظامه، والتي امتلئ بها لاقط الصوت (المايك) بلُعابه، والتي يطرحها أبنه سيف الآن لخطط المستقبل.
أبناء وطني العزيز.. اليوم جعلنا القذافي الأب تحت حكمه، تُعرف شهاداتنا بنوعية سياراتنا، وغداً عندما يستلم القذافي الابن الحكم، ستُعرف شهاداتنا بطريقة حلاقة رؤوسنا.
***************
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
lailaelhoni_68@yahoo.com, blaila89@hotmail.co.uk