مر على تحرير ليبيا من المردوم معمر القذافي

الجمعة، يونيو 26، 2009

هل تجدي الأساليب السلمية!؟ بقلم/ ليلى أحمد الهوني

هل تجدي الأساليب السلمية!؟

بقلم/ ليلى أحمد الهوني

إن المتتبع للأحداث التي مرت على الشعب الليبي، منذ انقلاب سبتمبر، وحتى يومنا هذا، يلاحظ بأن عدد المحاولات، التي قام بها الشعب الليبي، لتغيير نظام الحكم في ليبيا، مقارنة بعدد سكان ليبيا، ودرجة الظلم والتعسف، التي يتصف بها هذا النظام، تعد كثيرة وقوية، وكان يمكن لها إن تكون فعالة وناجحة أيضاً، لو أن الشعب الليبي عرف كيف يستخدم هذه المحاولات، بالطريقة التي يفهمها القذافي، وكان أفضل دهاءاً منه، وأكثر إحساساً بالمسؤولية، وأشد حماساً وإقداماً، لتحقق النصر لإحداها منذ زمناً بعيد.

إن نظام القذافي، منذ أول يوم استولى فيه على السلطة، وبطريقته الانقلابية تلك، أعطى للشعب الليبي الكيفية والطريقة الصحيحة، التي تمكنه من تغيير هذا "النظام".

و يمكن شرح هذه النقطة خطوة بخطوة..

القذافي عندما أراد القضاء على النظام الملكي، الذي كان قائم في ليبيا آنذاك، رغم أن ذلك النظام أي الملكي، كان نظاماً مسالماً، وكان يقوده ويحكمه، رحمه الله ملك من أسرة سليلة الحسب والنسب، ملك يمتاز بتواضعه وعلو همته، وحسن خلقه وطيب معدنه، إلا أن القذافي لم يلجأ للأسلوب السلمي، ولم يحاول البحث عن الأساليب الحوارية والسلمية، بل قام بذلك الانقلاب العسكري المخرب، واستولى على الحكم بطريقة رجال العصابات، وهي أقرب لطرق المافيا، من طرق "الثورة" و "الثوار" كما يزعم القذافي.

كما أن القذافي حتى بعد استيلائه على السلطة، وضمن كرسي الحكم في ليبيا، لم يتيح الفرص أمام الشعب الليبي للحوار والنقاش السلمي، بل لم يتيح هذه الفرصة حتى لأصدقائه المقربين منه، والذين كانوا معه في نفس المؤامرة، بل انقلب عليهم بدون أن يمنحهم ولو فرصة واحدة للنقاش، حيث سجن من سجن وقتل من قتل، ولا داعي لسرد قصص، ما أرتكب القذافي ونظامه من حماقات، فكلها مسجلة للتاريخ، وسيأتي اليوم الذي تكشف فيه كل الأوراق، وإنه لقريب إن شاء الله.

لقد أثبتت التجارب الإنسانية، "إن ما أخذ بالقوة والعنف، لا يسترد إلا بنفس الوسيلة والطريقة"، فنحن درسنا في كتب التاريخ، وتعلمنا من السير، وقرانا ما قرأنا في مختلف وسائل الإعلام ، فلم نجد شعباً أسترد حقوقه، وتخلص من جلاده وديكتاتوره، باستخدام الحوار السلمي، أو النضال السلمي كما يسميه البعض.

لقد حاول بعض معارضي القذافي منذ فترة ليست ببعيدة، أن يلجاؤا إلى تلك الوسائل السلمية، وجلسوا مع عناصر النظام على طاولة "الحوار"، ولكنه كان حوار الطرشان، إذ فرضت عليهم، شروط مهينه، لمن يريد أن يعود إلى وطنه، فعليه أن يقبل أولاً ويقر و يعترف بشرعية نظام القذافي، وهكذا أجهضت محاولة الحوار، بل قتلت عمداً حتى قبل أن تولد.

ومع احترامنا لاجتهادات الآخرين، بل وتقديرنا لجهودهم، في البحث عن سبل لحل القضية الليبية، لأن مبادرتهم تلك، هي التي كشفت لنا حقيقة الأمور بكل وضوح، فهي التي أكدت لليبيين جميعاً، إن هذا النظام الديكتاتوري، لا يؤمن بالحوار ولا بالتفاوض ولا بحل مشكلة ليبيا، ولا يهمه ما يتعرض له الشعب الليبي، على يد زبانيته ومجرميه، وان كل ما يهمه، هو البقاء في السلطة، مهما كلف ذلك من ثمن يدفعه هذا الشعب.

إن استمرار القذافي ونظامه في حكم ليبيا لمدة 40 عام، بدون أي منازع ومنافس أو رادع، لم يكن سببه حسن حظ يتمتع به القذافي، ولم يكن سببه طريقته الفذة، أو سلوكه المثالي الذي يتبعه، أو لذكائه "الخارق" الذي يمارس به حكمه، أو نتيجة لوجود حوار ونقاش سلمي، بين أفراد الشعب وبين القذافي، بل كان نتيجة لسياسة العنف والجبروت والطغيان المصحوبة بالغدر، ونشر الفتن بين أبناء الشعب الليبي، وسياسة فرّق تسُد*، التي يمارسها نظامه بحرفية وإتقان.

لقد طالت أيادي نظام القذافي القذرة والدموية، كل أبناء الشعب الليبي بكل شرائحه، فمن كان في ليبيا وبين يدي القذافي وتحت حكمه، وكان مواطنا مسالماً مطيعاً، فقد حرم من كل حقوقه الإنسانية، من خلال تعامل نظام القذافي معه، بطريقة التهميش والتحقير والإذلال، وإذا حاول هذا المواطن التعبير عن حالة البؤس، التي يعيشها تحت هذا النظام، كان له النصيب الأكبر من تلك المعاملة السيئة، أما إذا حاول معارضة هذا النظام بأي وسيلة، فأن مصيره السجون والمعتقلات، أو يتم القضاء عليه وقتله شر قتل.

أما الحديث عن معارضيه الذين يعيشون بعيداً عن أرض الوطن، فقد تعرضوا إلى الكثير من الأذى والمصاعب والآلام، ففوق حرمانهم من أحضان الأهل والوطن والأصدقاء، فقد أستخدم القذافي كل أسلحته للنيل منهم، سواء كانوا رجالاً أو نساء، فقام أزلامه وبإيعاز منه، بملاحقة الكثير من معارضيه في شوارع أوروبا، وقتلهم بتلك الطرق الإجرامية، وعمل على تشويه سمعة العديد منهم، وتلفيق التهم إليهم بشتى الطرق، من اتهام بالخيانة والعمالة أو الاختلاس، إلى استخدام الأساليب القذرة، التي تمس سمعتهم وشرفهم، ولم يكتفي بهذا فقط، بل سخر كل إمكاناته لتمويههم وزرع الفتن بينهم، حتى وصل الحال ببعضهم أحياناً، إلى تبادل الشتائم فيما بينهم، واتهام بعضهم البعض، بالخيانة والعمالة وما إلى ذلك.

و هكذا نجد إن نظام القذافي، منذ انقلاب سبتمبر المشؤوم، لم يترك وسيلة إلا واستخدمها، لضمان استمراريته في الحكم والسيطرة، فقد تعامل مع هذا الشعب في داخل البلاد وخارجها، بمنتهى العنف والقسوة والخداع والتضليل، وأنتهز كل نقاط ضعفه، وبشكل دقيق ومتقن للنيل منه وتدميره.

إن ما يمكن إن نستنتجه من ما سبق هو :

إن الأساليب السلمية التي يطالب بها بعض معارضي القذافي، هي في الحقيقة سلوك مهذب ومحترم وحضاري ومطلوب، لو أن الأمر تعلق بنظام متوازن وشرعي، أو كان التعامل مع حاكم أو قائد آخر عاقل، أما "شخصية" القذافي الغريبة الأطوار، ونظامه الذي يفتقر وينعدم فيه التفكير العقلاني، وبهذه التصرفات الطائشة و الغير مسؤولة، والتي لا تدل إلا على ضحالة فكره و سلوكه، وحماقته وسخافاته المتكررة، لا يمكن لأي شعب في العالم أن يتقبلها، وعليه.. فأن طريق النضال السلمي، لن يكون هو الحل المثالي والناجح، لتغيير هذا "النظام" والقضاء عليه.

إن علة المشكلة الليبية، تكمن في القذافي نفسه وفى وجوده، وفي طريقة تفكيره، وطريقة حكمه التعسفية في ليبيا، والتي لا تقبل التغيير أو الحوار الديمقراطي الغير مشروط، حتى لو أبدى كل الشعب الليبي رغبته واستعداده للحوار، لأن القذافي لا يعرف ولا يفهم لغة الحوار، ولا يقدر قيمته ولا يدرك معناه، ولو كان غير ذلك لما انتظر حتى الآن، وهو في هذه السن، و لقام بذلك منذ سنوات عديدة، وهو في قمة عنجهيته وغطرسته وطغيانه.

وبالتالي على الشعب الليبي أن يعي جيداً، انه لا يتعامل مع نظام أو حاكم طبيعي، بل يتعامل مع انقلابي ديكتاتوري طاغية. إذن.. الحل الوحيد في مثل حالتنا المستعصية هذه، هو استخدام كافة الأساليب المشروعة، لإزالة الاستبداد والقضاء عليه نهائياً وبأي طريقة، لأجل أن تكون ليبيا دولة دستورية، تحترم الإنسان وتعلي من شأنه.
________________________________________________
* فرق تسد هو مصطلح سياسي عسكري اقتصادي الأصل اللاتيني له "divide et impera". ويعني تفريق قوة الخصم الكبيرة إلى أقسام متفرقة لتصبح أقل قوة وهي غير متحدة مع بعضها البعض مما يسهل التعامل معها كذلك يتطرق المصطلح للقوى المتفرقة التي لم يسبق أن اتحدت والتي يراد منعها من الاتحاد وتشكيل قوة كبيرة يصعب التعامل معها.(ويكبيديا).. علماً بأني كنت قد كتبت مقال في السابق عنوانه يحمل نفس المصطلح "فرق تسد".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

lailaelhoni_68@yahoo.com, blaila89@hotmail.co.uk