مر على تحرير ليبيا من المردوم معمر القذافي

الاثنين، سبتمبر 19، 2011

كيف كان يحكمنا هذا الرجل؟ بقلم/ الأستاذ محمود السوكني

كيف كان يحكمنا هذا الرجل؟


بقلم/ الأستاذ محمود السوكني

انا لا أركب الموجة ولا ادعي البطولة، ولست ممن يزيفون الوقائع، ويحرفون التاريخ، فأنا كنت ممن افتتنوا بهذا الرجل الذي فاجأ صباي عام 69 من القرن الماضي بذلك الإنقلاب الدراماتيكي الذي خلناه ثورة على الرجعية والعمالة وإستجابة لإرادة شعبية عارمة كانت تتمظهر في تلك المظاهرات الطلابية والعمالية التي كانت تخرج بين الفينة والأخرى، وفي تلك الكتابات الحماسية التى كانت تصبغ طابع الصحف الوطنية والتي كانت تصادر قبل توزيعها، وفي حشود المعارضة التي غصت بها مراكز الشرطة والمعتقلات والسجون من عينة الكتيبة الفدائية المعروفة بالرقم المشهور (106) والتي كانت تضم صفوة المناضلين الوطنيين كالراحل محمود سليمان المغربي الذي كلف رئيسا للوزراء فيما بعد.. أعتقد أن جميع من شهد إندلاع الثورة خرج في حينها رغم قانون الطواريء الذي أعلنته، الى الشوارع فرحا مستبشرا بميلاد عهد جديد يسود فيه الحق ويتحقق فيه الأمن والأمان، وهذا ماوعدنا به في البيان الأول.. هل حققت الثورة ماوعدت به؟! هل سارت على الدرب الذي تعهدت أن تسلكه؟! هل كانت وفية لعهودها؟! جميعنا يملك الإجابات الشافية عن كل هذه الأسئلة وأي أسئلة أخرى بحكم التجربة، والأحداث، والمواقف، والمرحلة الزمنية التي إستغرقتها مسيرة النظام السابق والتي تعد من أطول فترات الحكم المعاصرة.. السؤال الأهم،لماذا إنحرفت الثورة التي بدأت وطنية خالصة لوجه الله والوطن؟! لماذا إنقلب الصفاء والنقاء اللذان توهمناهما في شخص قائدها الى كراهية مفرطة وبغض شديد وحقد دفين عايشناه واقعا من تصرفاته وأفعاله، اكتوينا بحرقته طيلة العقود الأربعة؟! لماذا تحول من نصير للشعب إلى عدو له؟! لماذا إستحالت فيه العفة إلى نقيضها؟!
 لم يكن في بداياته هكذا، والتاريخ يشهد، ورفاقه –الشرفاء منهم- يذكرون، وإلا ماكانوا بايعوه وإنصاعوا له، ولقد سألت ذات مرة أحد أعضاء مجلس قيادة الثورة ممن إنسحبوا مبكرا وإلتزموا الحياد، كيف رضيت لنفسك أن تتبع هذا الرجل على مافيه من عيوب؟! فأجابني بأنه –أي القائد- ليس هو ذات الرجل الذي عرفناه عند إنخراطنا في الحركة، فقد تغير كثيرا حتى نكاد لانعرفه.. الطريف أنني عندما هاتفت صديقي العضو السابق أهنئه بثورة السابع عشر من فبراير قال لي والحبور لايكاد يسعه، الأن نستطيع أن نتنفس عبق الحرية.. هذا العضو السابق كان يحلم بتحقيق الحرية للشعب الذي أحاطه وزملائه بحب جارف في صبيحة اليوم الأول من سبتمبر عام 1969ف، ولكنه لم يستنشق عبير الحرية الني حلم بتحقيقها إلا في إنتفاضة السابع عشر من فبراير التي وصل عبقها الى العاصمة حيث يقطن، مع الذكرى العطرة لفتح أم المدن مكة في العشرين من الشهر الفضيل الموافق للعشرين من شهر أغسطس، أي قبل أن نكره بعشرة أيام على الإحتفال بالمناسبة/الاكذوبة التي شارك فيها قبل إثنين و أربعين عاما و التي أجزم أنه يحاول جاهدا التخلص من تاريخها الأسود!

أعتقد أنه من الإنصاف ان اعترف بأن القدافي كان رجلا حاد الذكاء و الشواهد على ذلك لا تعد، فهو قد جمع في حركته مجموعة من الأعضاء ذوي الإتجهات المختلفة و الثقافات المتباينة، و استطاع أن يحظى بولاء من هم أعلى منه رتبة عسكرية وهو ما يتعارض مع المنظومة العسكرية التي تخرج بعض قادتها من مدارس عسكرية صارمة تقدس الأقدمية و تحترم التسلسل العسكري بمنتهى الدقة، و بعد أن نجح في إقتناص الحكم في سبتمبر 1969 م،التقى بمختلف التيارات الحزبية كل على حدة، و استطاع أن يستحوذ على احترامهم جميعا، بشهادة قطب من أقطابها أفادني بها عندما التقيته في لندن في سبعينيات القرن الماضي.. كما أنه بكل خبث ودهاء إستطاع التخلص من أغلب أعضاء مجلس قيادة الثورة الذي كان عدده عند الإستيلاء على الحكم إثني عشر عضوا، ليقتصروا على ثلاثة أعضاء مهمشين يحركهم كالبيادق. كان القذافي يعتقد أن راحة الشعب تؤدي إلى الإلتفات إلى حكمه ، والإنتباه إلى أفعاله، فعمل على إلهائه بإشعال الصراعات بين فئاته، وإبتكار مراكز نفوذ تتقاطع مع المؤسسات الرسمية وتتصادم معها، ولكي يستطيب له الحكم مدى الحياة أبدع فكرة سلطة الشعب التي تقول بأن السلطة للشعب ولا سلطة لسواه، وأن الشعب يقرر واللجان التي يختارها بملء إرادته تنفذ دون إبطأ أو تأخير، وأوعز لمؤتمر الشعب العام أن يقر بأن \"القائد يستمد شرعيته من شرعية الثورة\" وبهذا كانت توجيهاته وخطبه مفتتح لكل إنعقاد للمؤتمر ، فيما كانت تعليماته غير قابلة للنقاش وتنفذ في الحال، بخلاف ذلك، كنت دائما أعتقد –ولازال يسكنني هذا الإعتقاد- أن منظومة سلطة الشعب لو تطبق كما نص إعلانها لكانت في تصوري منهجا فريدا لحكم الشعب بالشعب وللشعب، وهذا مادفعني مرارا على المطالبة بتنفيدها حرفيا ، كما أشرت في عديد المرات وأثناء حكم القذافي –ولدي مايثبت ذلك- إلا أن إعلان قيام سلطة الشعب لم ينفذ طيلة الثلاثة عقود ونيف، على النحو الذي صدر به ولو ليوم واحد!!
الغريب أن الرجل على مايتصف به من دهاء، لم يستطع أن يستوعب دروس التاريخ، ولم يتعظ بالأحداث التي تجري في جواره، وإعتقد في نرجسية مفرطة أنه فوق الأحداث التي حتى وإن إجتاحت مزرعته \"ليبيا\" فإنها لن تطاله بإعتباره الرمز التاريخي الذي تهفو إليه القلوب وتستغيث بحكمته العقول!! هل كان حقا يحكمنا في الأونه الأخيرة؟؟ أم أنهم الأبناء- الذين كبروا على عجل- من كان يسوقنا؟؟ لاأستطيع أن أجزم، ولكنه.. وهم، ومن سار على ركابهم مسؤولون أمام الله والوطن وشعب ليبيا البائس على ماعانيناه من فقر ومذلة وحرمان وقهر لايزال يسكننا وإن تحررنا! إن مثوله وكل من ساعده على توطيد أركان حكمه، ومن سرق معه قوتنا ومن نحا نحوه في إهانتنا وزع الشقاق في نفوسنا، ومن اعانه على ظلمنا، ومن عمل معه على قهرنا، جميعهم مطلوبون للمثول أمام القضاء النزيه الذي سيوثق مخازيهم ويقتص لنا من جرائمهم قبل أن يقفوا أمام الذي لا يغفل ولا ينام ولا تضيع عنده الحقوق. ثمة ملاحظة أود أن أسجلها للتاريخ، فلقد أقنعنا النظام المنهار بدهائه المعهود بأن مايحدث في ليبيا مؤامرة غربية لنهب خيراتها وتفتيت بنيانها وإضعاف لحمتها الوطنية، ولقد إندفعت في هذا الإتجاه – وأنا هنا أتحدث عن نفسي فقط- وحاربت فكرة الإستقواء بالأجنبي ودعوت إلى الحوار مع التأكيد على أن مطالب المعارضه هي مطالب الشعب ولا خلاف عليها، فلماذا لا تلتقي كل الأطراف وتجتمع لرأب الصدع ولم أكن أعلم أن النظام كان يعد لمحو مدينة بنغازي عن بكرة أبيها لولا لطف الله تعالى وسرعة التدخل العسكري لحلف الناتو الذي دحر في اللحظات الحاسمة فلول كتائب النظام قبل أن تجتاح المدينة وتغرقها بأهلها..
لم أكن على علم بما كان يحدث من مجازر في مدينة مصراتة، ولا في الجبل الغربي فلقد شغلتنا أبواق النظام بإدعائات باطلة تقول بإغتصاب الثوار لحرائر المدن وقطع أثدائهم في جلسات سكر صاخبة (!!) وإمعانا في تجهيلنا، عرضوا علينا من إدعوا أنهم مرتكبيها، وأن ماتبثه محطات الجزيرة والعربية وغيرها، ماهي إلا فبركات إعلامية تدور في فلك المؤامرة التي نسجت خيوطها الدوائر الإمبريالة الإستعمارية وكنت لفرط سذاجتي أستغرب كيف يلجأ الثوار الذين أزعم معرفة بعض من رموزهم ولا أشك مطلقا في صدق وطنيتهم، أن يلجأوا إلى الإستقواء بالأجنبي \"ليفتك بشعبنا\" و\"ينهب أرضنا\" ليتضح لي فيما بعد أنني لو كنت مكانهم وعلى علم بما كان يحيكه النظام لكنت تحالفت مع الشيطان حتى ينقذني من هذا المجرم الفتاك.. لست هنا لأبرر ماكتبت، فأنا لاأنكره ولاأتهرب منه، وعزائي أنني كنت صادقا فيما نشرت رغم ضبابية المعلومات التي كانت تصلنا، كما أن ماخطه قلمي لايعيبني في شيء اتفاقا مع ماكان متاحا من سبل النشر ويكفيني فخرا أن النظام المنهار طردني من وظيفتي وأحالني للتحقيق ولم يسند إلي أي مهمة منذ أكثر من عام والسبب ما كتبته من مقالات تنتقد الأداء الحكومي للنظام وهذا ثابت بالادلة والبراهين ويشهد على ذلك المحامي الدكتور مسعود الكانوني الذي انتدبته لمقاضاة النظام بعد ان هاتفت الاستاذ الصديق محمد العلاقي في ذات الموضوع . لقد بلغت سطوة النظام وشدة جبروته أن يخرج علينا مسؤوليه في غير مرة وأمام الوسائل الإعلامية المحلية منها والأجنبية ليدعوا بأنهم وحدهم المسؤولين عن إدارة البلاد، وأن \"القائد\" لا علاقة له بالحكم من قريب أو من بعيد، وكلنا يعلم بدون مبالغة أن لا أحدا منهم يستطيع أن يفتي في أمر يخصه شخصيا دون أخد إذن بذلك، ولديكم \"قلم القائد\" إذا كتب له الله بقية من عمر، لتسألوه وتتبينوا حقيقة الأمر.. وأضيف أن أيا من المسؤولين معرض للإصابة بحالة إكتئاب إذا لم يسأل عليه \"سيده\" أو يذكره لبعض الوقت، إذ ينفرط العقد من حوله ولا يكترث أحد بالسؤال عليه أو حتى مهاتفته.. تصوروا هذا الكم من العهر السياسي!! كيف كان يحكمنا هذا الرجل؟ محمود السوكني لا أركب الموجة ولا ادعي البطولة، ولست ممن يزيفون الوقائع، ويحرفون التاريخ، فأنا كنت ممن افتتنوا بهذا الرجل الذي فاجأ صباي عام 69 من القرن الماضي بذلك الإنقلاب الدراماتيكي الذي خلناه ثورة على الرجعية والعمالة وإستجابة لإرادة شعبية عارمة كانت تتمظهر في تلك المظاهرات الطلابية والعمالية التي كانت تخرج بين الفينة والأخرى، وفي تلك الكتابات الحماسية التى كانت تصبغ طابع الصحف الوطنية والتي كانت تصادر قبل توزيعها، وفي حشود المعارضة التي غصت بها مراكز الشرطة والمعتقلات والسجون من عينة الكتيبة الفدائية المعروفة بالرقم المشهور (106) والتي كانت تضم صفوة المناضلين الوطنيين كالراحل محمود سليمان المغربي الذي كلف رئيسا للوزراء فيما بعد..
أعتقد أن جميع من شهد إندلاع الثورة خرج في حينها رغم قانون الطواريء الذي أعلنته، الى الشوارع فرحا مستبشرا بميلاد عهد جديد يسود فيه الحق ويتحقق فيه الأمن والأمان، وهذا ماوعدنا به في البيان الأول.. هل حققت الثورة ماوعدت به؟! هل سارت على الدرب الذي تعهدت أن تسلكه؟! هل كانت وفية لعهودها؟! جميعنا يملك الإجابات الشافية عن كل هذه الأسئلة وأي أسئلة أخرى بحكم التجربة، والأحداث، والمواقف، والمرحلة الزمنية التي إستغرقتها مسيرة النظام السابق والتي تعد من أطول فترات الحكم المعاصرة.. السؤال الأهم،لماذا إنحرفت الثورة التي بدأت وطنية خالصة لوجه الله والوطن؟! لماذا إنقلب الصفاء والنقاء اللذان توهمناهما في شخص قائدها الى كراهية مفرطة وبغض شديد وحقد دفين عايشناه واقعا من تصرفاته وأفعاله، اكتوينا بحرقته طيلة العقود الأربعة؟! لماذا تحول من نصير للشعب إلى عدو له؟! لماذا إستحالت فيه العفة إلى نقيضها؟!
 لم يكن في بداياته هكذا، والتاريخ يشهد، ورفاقه –الشرفاء منهم- يذكرون، وإلا ماكانوا بايعوه وإنصاعوا له، ولقد سألت ذات مرة أحد أعضاء مجلس قيادة الثورة ممن إنسحبوا مبكرا وإلتزموا الحياد، كيف رضيت لنفسك أن تتبع هذا الرجل على مافيه من عيوب؟! فأجابني بأنه –أي القائد- ليس هو ذات الرجل الذي عرفناه عند إنخراطنا في الحركة، فقد تغير كثيرا حتى نكاد لانعرفه.. الطريف أنني عندما هاتفت صديقي العضو السابق أهنئه بثورة السابع عشر من فبراير قال لي والحبور لايكاد يسعه، الأن نستطيع أن نتنفس عبق الحرية.. هذا العضو السابق كان يحلم بتحقيق الحرية للشعب الذي أحاطه وزملائه بحب جارف في صبيحة اليوم الأول من سبتمبر عام 1969ف، ولكنه لم يستنشق عبير الحرية الني حلم بتحقيقها إلا في إنتفاضة السابع عشر من فبراير التي وصل عبقها الى العاصمة حيث يقطن، مع الذكرى العطرة لفتح أم المدن مكة في العشرين من الشهر الفضيل الموافق للعشرين من شهر أغسطس، أي قبل أن نكره بعشرة أيام على الإحتفال بالمناسبة/الاكذوبة التي شارك فيها قبل إثنين و أربعين عاما و التي أجزم أنه يحاول جاهدا التخلص من تاريخها الأسود! أعتقد أنه من الإنصاف ان اعترف بأن القدافي كان رجلا حاد الذكاء و الشواهد على ذلك لا تعد، فهو قد جمع في حركته مجموعة من الأعضاء ذوي الإتجهات المختلفة و الثقافات المتباينة، و استطاع أن يحظى بولاء من هم أعلى منه رتبة عسكرية وهو ما يتعارض مع المنظومة العسكرية التي تخرج بعض قادتها من مدارس عسكرية صارمة تقدس الأقدمية و تحترم التسلسل العسكري بمنتهى الدقة، و بعد أن نجح في إقتناص الحكم في سبتمبر 1969 م،التقى بمختلف التيارات الحزبية كل على حدة، و استطاع أن يستحوذ على احترامهم جميعا، بشهادة قطب من أقطابها أفادني بها عندما التقيته في لندن في سبعينيات القرن الماضي.. كما أنه بكل خبث ودهاء إستطاع التخلص من أغلب أعضاء مجلس قيادة الثورة الذي كان عدده عند الإستيلاء على الحكم إثني عشر عضوا، ليقتصروا على ثلاثة أعضاء مهمشين يحركهم كالبيادق. كان القذافي يعتقد أن راحة الشعب تؤدي إلى الإلتفات إلى حكمه ، والإنتباه إلى أفعاله، فعمل على إلهائه بإشعال الصراعات بين فئاته، وإبتكار مراكز نفوذ تتقاطع مع المؤسسات الرسمية وتتصادم معها، ولكي يستطيب له الحكم مدى الحياة أبدع فكرة سلطة الشعب التي تقول بأن السلطة للشعب ولا سلطة لسواه، وأن الشعب يقرر واللجان التي يختارها بملء إرادته تنفذ دون إبطأ أو تأخير، وأوعز لمؤتمر الشعب العام أن يقر بأن \"القائد يستمد شرعيته من شرعية الثورة\" وبهذا كانت توجيهاته وخطبه مفتتح لكل إنعقاد للمؤتمر ، فيما كانت تعليماته غير قابلة للنقاش وتنفذ في الحال، بخلاف ذلك، كنت دائما أعتقد –ولازال يسكنني هذا الإعتقاد- أن منظومة سلطة الشعب لو تطبق كما نص إعلانها لكانت في تصوري منهجا فريدا لحكم الشعب بالشعب وللشعب، وهذا مادفعني مرارا على المطالبة بتنفيدها حرفيا ، كما أشرت في عديد المرات وأثناء حكم القذافي –ولدي مايثبت ذلك- إلا أن إعلان قيام سلطة الشعب لم ينفذ طيلة الثلاثة عقود ونيف، على النحو الذي صدر به ولو ليوم واحد!! الغريب أن الرجل على مايتصف به من دهاء، لم يستطع أن يستوعب دروس التاريخ، ولم يتعظ بالأحداث التي تجري في جواره، وإعتقد في نرجسية مفرطة أنه فوق الأحداث التي حتى وإن إجتاحت مزرعته \"ليبيا\" فإنها لن تطاله بإعتباره الرمز التاريخي الذي تهفو إليه القلوب وتستغيث بحكمته العقول!!
هل كان حقا يحكمنا في الأونه الأخيرة؟؟ أم أنهم الأبناء- الذين كبروا على عجل- من كان يسوقنا؟؟ لاأستطيع أن أجزم، ولكنه.. وهم، ومن سار على ركابهم مسؤولون أمام الله والوطن وشعب ليبيا البائس على ماعانيناه من فقر ومذلة وحرمان وقهر لايزال يسكننا وإن تحررنا! إن مثوله وكل من ساعده على توطيد أركان حكمه، ومن سرق معه قوتنا ومن نحا نحوه في إهانتنا وزع الشقاق في نفوسنا، ومن اعانه على ظلمنا، ومن عمل معه على قهرنا، جميعهم مطلوبون للمثول أمام القضاء النزيه الذي سيوثق مخازيهم ويقتص لنا من جرائمهم قبل أن يقفوا أمام الذي لا يغفل ولا ينام ولا تضيع عنده الحقوق. ثمة ملاحظة أود أن أسجلها للتاريخ، فلقد أقنعنا النظام المنهار بدهائه المعهود بأن مايحدث في ليبيا مؤامرة غربية لنهب خيراتها وتفتيت بنيانها وإضعاف لحمتها الوطنية، ولقد إندفعت في هذا الإتجاه –وأنا هنا أتحدث عن نفسي فقط- وحاربت فكرة الإستقواء بالأجنبي ودعوت إلى الحوار مع التأكيد على أن مطالب المعارضه هي مطالب الشعب ولا خلاف عليها، فلماذا لا تلتقي كل الأطراف وتجتمع لرأب الصدع ولم أكن أعلم أن النظام كان يعد لمحو مدينة بنغازي عن بكرة أبيها لولا لطف الله تعالى وسرعة التدخل العسكري لحلف الناتو الذي دحر في اللحظات الحاسمة فلول كتائب النظام قبل أن تجتاح المدينة وتغرقها بأهلها.. لم أكن على علم بما كان يحدث من مجازر في مدينة مصراتة، ولا في الجبل الغربي فلقد شغلتنا أبواق النظام بإدعائات باطلة تقول بإغتصاب الثوار لحرائر المدن وقطع أثدائهم في جلسات سكر صاخبة (!!) وإمعانا في تجهيلنا، عرضوا علينا من إدعوا أنهم مرتكبيها، وأن ماتبثه محطات الجزيرة والعربية وغيرها، ماهي إلا فبركات إعلامية تدور في فلك المؤامرة التي نسجت خيوطها الدوائر الإمبريالة الإستعمارية وكنت لفرط سذاجتي أستغرب كيف يلجأ الثوار الذين أزعم معرفة بعض من رموزهم ولا أشك مطلقا في صدق وطنيتهم، أن يلجأوا إلى الإستقواء بالأجنبي \"ليفتك بشعبنا\" و\"ينهب أرضنا\" ليتضح لي فيما بعد أنني لو كنت مكانهم وعلى علم بما كان يحيكه النظام لكنت تحالفت مع الشيطان حتى ينقذني من هذا المجرم الفتاك.. لست هنا لأبرر ماكتبت، فأنا لاأنكره ولاأتهرب منه، وعزائي أنني كنت صادقا فيما نشرت رغم ضبابية المعلومات التي كانت تصلنا، كما أن ماخطه قلمي لايعيبني في شيء اتفاقا مع ماكان متاحا من سبل النشر ويكفيني فخرا أن النظام المنهار طردني من وظيفتي وأحالني للتحقيق ولم يسند إلي أي مهمة منذ أكثر من عام والسبب ما كتبته من مقالات تنتقد الأداء الحكومي للنظام وهذا ثابت بالادلة والبراهين ويشهد على ذلك المحامي الدكتور مسعود الكانوني الذي انتدبته لمقاضاة النظام بعد ان هاتفت الاستاذ الصديق محمد العلاقي في ذات الموضوع . لقد بلغت سطوة النظام وشدة جبروته أن يخرج علينا مسؤوليه في غير مرة وأمام الوسائل الإعلامية المحلية منها والأجنبية ليدعوا بأنهم وحدهم المسؤولين عن إدارة البلاد، وأن \"القائد\" لا علاقة له بالحكم من قريب أو من بعيد، وكلنا يعلم بدون مبالغة أن لا أحدا منهم يستطيع أن يفتي في أمر يخصه شخصيا دون أخد إذن بذلك، ولديكم \"قلم القائد\" إذا كتب له الله بقية من عمر، لتسألوه وتتبينوا حقيقة الأمر.. وأضيف أن أيا من المسؤولين معرض للإصابة بحالة إكتئاب إذا لم يسأل عليه \"سيده\" أو يذكره لبعض الوقت، إذ ينفرط العقد من حوله ولا يكترث أحد بالسؤال عليه أو حتى مهاتفته.. تصوروا هذا الكم من العهر السياسي!!
محمود السوكني

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

lailaelhoni_68@yahoo.com, blaila89@hotmail.co.uk