مر على تحرير ليبيا من المردوم معمر القذافي

الأربعاء، مارس 07، 2012

عندما أغوى آدم حـواء.. بقلم/ ليلى أحمد الهوني

عندما أغوى آدم حـواء
بقلم/ ليلى أحمد الهوني


إتفق أهل الدين وكل من له علاقة بهذا الأمر، بأن الشجرة المشار إليها في معظم الديانات السماوية والتي أخرجت آدم وحواء من الجنة إلى الدنيا، كانت "شجرة التفاح". وقبل خوضي وتعمقي في هذا الموضوع، أود أن أعبر أمام الجميع عن حبي العظيم وتقديسي إلى الله الخالق البارئ، وأحمده وأشكره على الحكم العادل الذي أصدره عليهما معاً، أي على أبونا آدم وأمنا حـواء، والذي كان بمنتهى الإنصاف، بالرغم من أنه وكما يذكر ويقال، بأن أمنا حواء - عليها السلام - هي من أغوت أبونا آدم -عليه السلام- ودفعته بطريقة ما إلى الأكل من شجرة التفاح تلك، فما هي إلا لحظات حتى وجدا نفسيهما في مكان ما بعيداً كل البعد عن "البوبة" (الرفاهية في اللهجة الليبية)، وجمال وروعة المكان الذي كانا يسكنا فيه، قبل إقدامهما على تلك المعصية أي الأكل من "شجرة التفاح". هذا سرد لحدث عظيم أتفق العديد من المؤمنين على أنه قصة واقعية كانت قد وقعت أحداثها منذ بداية الخلق، وتعرض لها أول الخلق أبونا آدم وأمنا حواء –عليهما السلام -.
وبهذا السرد لبداية الخلق، نجد أنفسنا نقف عندَ بعض النقاط المحتّم علينا نقاشها في علاقة الرجل بالمرأة وواجباته نحوها ومن ثمّ واجبات المرأة نحو الرجل:
هل ذهبت أمنا حواء لوحدها وأحضرت لأبانا آدم "التفاحة" أم أن أبانا آدم كان موجوداً معها منذ البداية؟ وهل هي من قطفت له "التفاحة" من تلك الشجرة أم أنها فقط أدلته عليها، فبالتالي بدوره أقترب من تلك الشجرة، وقطف منها التفاحة وأكلها؟ ثم... من أكل التفاحة أولاً؟ أمنا حواء هي من أكلتها الأول ثم أعجبها مذاقها، فطلبت من أبونا آدم أن يقوم بنفس العمل أم أنها قطفت له التفاحة وأمسكته بالقوة أو "بالرقة" – فالأمر سيان - وأرغمته على أكل التفاحة؟ أم أنها فقط ظلت تروي له القصص والحكايات وتوحي له وتوهمه بعظمة وروعة مذاق تلك "التفاحة" حتى أقنعته بحلاوة مذاقها ثم من تلقاء نفسه و(كالرجل الطيب) قام وقطفها وأكل منها؟
ما سبق طرحه من أسئلة ما هي إلا جزء بسيط جداً مما يدور في رأسي من أسئلة متنوعة حول هذه الحادثة، تداعياتها وأسبابها وكيفية وقوعها. ثم إذا تجاوزنا كل هذه الأسئلة، وأكتفينا بمعرفة أسباب وقوعها وذلك بالأدلة والبراهين الثابتة والمؤكدة، وتيقنا بأن أمنا حواء (وليس مهم بأي طريقة) فعلاً هي من كانت السبب الرئيسي لهذه (الواقعة)، فالسؤال الذي يطرح نفسه الآن هو: لماذا لم يحرم "الله" فاكهة التفاح في الدنيا لطالما حرمها في الجنة لدرجة أنها أخرجت أبانا آدم وأمنا حواء من الجنة وأوصلتهما إلى هذا "المطب" وهذا العقاب العظيم، ووجدا نفسيهما في أرض الدنيا، أي هذه الدنيا (المملة)، التي لا يتمنى حتى أغنى أغنياء العالم البقاء مخلداً فيها؟ أم أن هذه الفاكهة لم تكن التفاح وكانت من الثمار الأخرى التي لا توجد في الدنيا؟ والسؤال الآخر الذي يطرح نفسه أيضاً: لماذا لم يأخذ أبانا آدم "موقفا" من أمنا حواء ويقاطعها بالكامل، ولا يفكر في الرجوع إليها مهما كانت الأسباب والدوافع؟ فالأمر ليس بهذه السهولة ولا يمكن لأي إنسان – مهما كانت طيبة قلبه وعفويته- أن يتسامح مع هكذا مواقف.
يقول الداعية الإسلامي الدكتور طارق السويدان في مجموعته المسجلة (قصص الأنبياء)، بأنه عندما عاقب الله أبانا آدم وأمنا حواء وأنزلهما إلى الأرض، نزل أبانا آدم في "الهند"، ونزلت أمنا حواء في مدينة "جدة" بالسعودية، فأنطلق آدم – عليه السلام - من "الهند" نحو مدينة جدة باحثاً عن حواء، في حين خرجت أمنا حواء خائفة وهاربة من وحدتها، باحثة عن "أنيسها" آدم من مدينة "جدة" في اتجاه "الهند"، حيث التقيا في جبل عرفات، وعاشا هناك.
هذه القصة التي رواها الدكتور طارق السويدان، تبين لنا بأن أبانا آدم كان السباق في البحث عن أمنا حواء، كما أن المسافة التي قطعها أبانا آدم هي أضعاف المسافة التي قطعتها أمنا حواء أثناء بحثها عن أبانا آدم، وهو الأمر الذي يدل وبكل وضوح أن أبانا آدم (وبالرغم من أنه قد تضرر من أمنا حواء عندما أغوته ودفعته لأكل تلك التفاحة إلى الدرجة التي حرمته من جنة الخلد وأنزلته مكرها إلى دنيا الأرض) من شدة حبه لأمنا حواء ووفاءا لها ظل يبحث عنها وبذل جهداً كبيراً حتى عثر عليها فتلاقيا فوق "جبل عرفة".
ما وددتُ الاشارة إليه في مقالتي هذهِ، هو أنّ الخطيئة الدنياوية ذاتها لم تكن كفيلة لإهانة المرأة كما يحدث اليوم في المجتمعات العربية والاسلامية بشكلٍ عام، وان كانت المرأة في معظم الديانات كائنًا ثانويًا، وما يقومُ بهِ المتشددين و"المحافظين" يعتبر انتهاكًا صارخاً في حقّ المرأة، إلاّ وأنّهُ بالنظر إلى حكاية أدم وحوّاء، نجدُ بأنّ الانسان منذُ الخليقة الأولى كانَ يحتاجُ إلى الأنثى ويبحث عنها ولم يعترف يومًا (أو يعاقبها) من أجل الخطيئة.
وهنا أيضاً أحبّ التنويه على أنّ أبانا أدم – عليه السلام – كانَ بالفعل يملكُ عقلاً حكيمًا ورشيدًا كي لا يقع هو الأخر في الخطيئة، حتى وان اغوته أمنا حوّاء – عليها السلام - لذلك.
كل ما سبق سرده هي أمور استنتجناها بواسطة ما تعلمناه وقرأناه من كتب الدين والتاريخ، وكان بها ما يكفي للإستدلال على الكيفية التي عاشت بها "حواء" الأم والأبنة والحفيدة على مر العصور، بأعتبارها هي من أغوت وتغوي آدم بدون رحمة، وقد كانت ولوقت قريب جدا تكتسي ثوب المظلومة والضعيفة في مجتمعاتنا، الأمر الذي دفع العديد من ذوي الأعمال الخيرية لإقامة جمعيات* لحمايتها من شر ما يقوم به "آدم" الإبن والحفيد ضدها.
اليـــوم وفي ظل ثوراتنا العربية المجيدة، أثبتت "حواء" أنها لم تعد تلك الحلقة الأضعف في مجتمعاتنا الشرقية عامة، بل تكاد تكون هي العنصر القوي، الذي كان سببا فعالا لحدوث هذه الثوارات وقيامها، في دول عاتث فيها الأنظمة الاستبدادية فسادا ودكتاتورية، بدرجة مرعبة حتى للرجال أنفسهم، فإذا عدنا قليلا لبدايات كل الثورات العربية اليوم، سنجد أن للمرأة دور واضح وكبير سواء كانت في وضع الظالمة أو في وضع المظلومة، أو صاحبة المواقف والبطولة.
ففي تونس تجسد لنا دور المرأة في صورتيها المشار إليهما أعلاه: ففي دورها كامرأة ظالمة لا ننسى تلك الشرطية التونسية (فادية حمدي) التي قامت بصفع السيد "محمد البوعزيزي"، ذلك الشاب الذي احتج بقوة وأشعل في نفسه "النار" التي أصبحت فيما بعد تعرف بشرارة الثورة التونسية، كما يجب أن ننوه بأن الغضب الشعبي التونسي الذي أتبعها كان ضد "ليلى الطرابلسي" والمعروفة بـ "ليلى بن علي" أكثر من غضب هذا الشعب ضد الفار "زين العابدين بن علي".
وفي تونس أيضا كان للمرأة التونسية دور كبير في الدفع بشباب تونس لتحقيق انتصاراته، ويجب علينا هنا تسليط الضوء على السيدة "منوبية البوعزيزي" والدة "محمد البوعزيزي"، الأم التي صبرت على فقدان ابنها الشاب ذي السادسة والعشرون ربيعاً.
أما في مصر فكان لخروج الفتاة المصرية "أسماء محفوظ" دورا لا يمكن تجاهله في إنطلاق الشباب المصري في ذلك اليوم، وقيامه بثورته الشعبية ضد حاكمه المخلوع "حسني مبارك".
وفي اليمن كانت الأنسة "توكل كرمان" هي صوت الثورة الشعبية في اليمن، ضد حاكمها المتسلسل "علي عبدالله صالح"، وذلك لفوزها بجائزة نوبل للسلام، واستغلالها لهذا النجاح في إظهار هذا الصوت للثورة اليمنية، التي همشت بوضوح من قبل دول العالم.
أما في الثورة الليبية المباركة، فكان "لنساء بنغازي" الدور الأقوى في اندلاع انتفاضة الشعب الليبي ضد المقبور معمر القذافي، حيث كانت صرختهن الأولى (نوضي نوضي يا بنغازي جاك اليوم اللي فيه تراجي).
المقطع المرئي التالي، دليل واضح على أن أول صرخة في الثورة الليبية كانت صرخة نسائية:
أما في سورية الأبية - حررها الله وحقق لشعبها مبتغاه – فدور السيدة "سهير الأتاسي"، التي تقوم به في النهوض بأهل الوطن ضد طاغيه ومستبده، لا يمكن لأي متابع لما يحدث في سورية اليوم أن لا يقدم لهذه السيدة ولكل سيدات سورية الباسلات كل التحية والتقدير والاحترام على ما يقدمن في سبيل خلاص الوطن.
وفي البحرين يجب علينا أن لا نمحوا من ذاكرتنا صور المدونة والناشطة "زينب الخواجة"، إثر اعتقالها من قبل سلطات الحكومة البحرينية، والتي لا نعرف مصيرها وماذا حل بها إلى يومنا هذا!!!
إن الأمثلة على دور المرأة في الثورات العربية كثيرة، ولا يمكن - بأي حال من الأحوال - حصرها في هذه الأسطر القليلة، وقد كانت هذه المقالة** بمثابة ورقة رأيت فيها أن من واجبي تقديمها للمرأة في يومها، كشهادة شكر وعرفان مني، لكل ما قامت وتقوم به من تضحيات عظيمة وجبارة لأجل تحرير وخلاص وطنها.
وأخيرا لا يفوتني بمناسبة اليوم العالمي للمرأة "حواء"، أن أقدم لكل "حواءات" العالم أجمل التهاني وأطيب الآماني، وكل عام والجميع بخير.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* في ظل الانتصارات والمواقف التاريخية المشرفة، التي قامت بها المرأة مؤخراً في وطنها، فأني أرى ضرورة إعادة النظر في "فكرة" اقامة جمعيات خيرية، لحماية ومساعدة وضمان حقوق الرجال، وهنا أقصد "الرجال" .. وليس أشباههم...!!.
** قد يتساءل البعض عن الأسباب التي دفعتني المدة الأخيرة للتوقف عن الكتابة حول الأمور السياسية في ليبيا، وهنا أود أن أوضح للقارئ الكريم وجهة نظري حول هذا الموضوع، إذ أني وبعد تحرير ليبيا وتخلصها – بلا رجعة – من نظام الطاغية المقبور معمر القذافي، والذي كان بحمد الله وبفضله أولاً وبفضل تضحيات شهداء ليبيا وقوة وعزيمة ثوارها الأشاوس ثانياً، أرى أنه ما عاد هناك أي أهمية تذكر للكتابات الناقدة والجارحة حول الأوضاع وما يجري في ليبيا اليوم، وكل ما نحن في حاجة حقيقية إليه في ليبيا الآن، هو تقديم التشجيع التام والدفع اللامحدود لقيادي ليبيا من أبنائها وبناتها الأوفياء، حتى يتمكنوا من توحيد صفوفهم والعمل بقلب واحد ويدا واحدة لأجل بناء ليبيا الدولة الحرة، كما نريدها وكما يطمح إليها كل الليبيون الشرفاء الأحرار.

هناك تعليق واحد:

  1. Hey There. I found your blog using msn. This is a really
    well written article. I will make sure to bookmark it and come back to read
    more of your useful information. Thanks for the post.

    I'll definitely return.
    Also see my web site - transfer news soccer 2009

    ردحذف

lailaelhoni_68@yahoo.com, blaila89@hotmail.co.uk