مر على تحرير ليبيا من المردوم معمر القذافي

السبت، يناير 06، 2018

مقالة أنا والتاء المربوطة .. بقلم/ ليلى أحمد الهوني

مقالة أنا والتاء المربوطة

بقلم/ ليلى أحمد الهوني


لكل إنسان في هذه الحياة المليئة بالمتاعب والمشقات أعداء، فأحيانا تجد إنسان من لا شيء يحقد عَلَيْك و يكرهك، وأحيانا تجد إنسان ينافقك أو يكذب عليك ويخدعك، وأحيانا كثيرة تجد إنسان حسود يضعك في قائمة المتهمين والمتهمات، بسبب أو بدونه فقط لكي يظلمك، وقد يصطدم المرء في حياته بإنسان ينقلب عليه ويعاديه، بالرغم من انه كانت تربطه بهذا الشخص علاقة شبه متينة، من فصيلة الصداقة والزمالة أو ربما الإعجاب و ما شابه.
فأنا وبعد هذا العمر أعتقد أنني قد مررت بمعظم هؤلاء الذين سبق ذكرهم، ولكن الآن فقط اكتشفت بان هناك عدو حقيقي يكرهني ويطاردني، و دائماً يسعى للتقليل من قيمتي، وهذا العدو مرتبط بي ومرتبطة به، ارتباط الوطن والعرق والإنتماء واللغة، فبالرغم من تواجده في آخر "الطابور"، وبالرغم من أنه يكاد لا يذكر البتة من بين زملائه وأقرانه، إلا إنه - أي هذا العدو - يشكل عليّ عبء كبير في حياتي، ويكاد يعرقل ايضا مسيرتها،  ومن ثم سيقضي حتما على كل نجاحاتي ويدمرني.
 عدوي هنا وفِي هذه المرة، هو حرف من حروف لغتنا العربية، لغة الوطن والأم والأب والجد وجد الجد، ولغة رسولنا وحبيبنا ولغة قرآننا الكريم والمجيد، و -حسب الرواية- فهي لغة أهل الجنة بعد عمر نتمنى أن يكون طويل.
عدوي يا أخواتي الكريمات، هو حرف التاء المربوطة، ذلك الحرف الذي "نغص" عليّ عيشتي، وكبّل حريتي، وصادر بكل بشاعة جميع حقوقي، ويكاد يُنْهيني بالكامل.
 فبالرغم من أني ومنذ أن وجدت في هذه الدنيا، حاول والدي - رحمه الله - أن يسميني إسم يبعدني به عن هذا الحرف، في محاولة منه ليتجنب الخطأ الذي وقع فيه عندما سمى كل أخواتي اللائي سبقوني، بأسماء يحملن فيها حرف التاء المربوطة، ومع كل الجهود الذي بذلت من والدي الحبيب، إلا أن هذا الحرف لم يتركني وصار يلاحقني إلى يومنا هذا، وقد نال مني بدون شفقة ولا رحمة.
حرف التاء المربوطة، وفي كل أوراقي الرسمية وغير الرسمية، فبمجرد الانتهاء من كتابة اسمي الرباعي، الخالي والنظيف من هذا الحرف، إلا وأجد نفسي مضطرة لكتابته، الآمر الذي يردني بقوة وتعسف شديد للعيش في معاناتي من جديد.
 فمثلا أكتب اسمي الكامل (ليلى أحمد لطفي الهوني)، فأسعد بهذا وآخذ نفس عميق جدا، إلا أن السعادة تقف عند هذا الحد ولا تكتمل، لأني أضطر بعدها إلى كتابة هذا الحرف، عند كتابتي لصفتي وهي سيدة ليبية مسلمة... يا الله ما اكبر مأساتي!
تخيلوا معي لو كانت الصفات السابقة لا تحمل حرف التاء المربوطة، لتغير الحال بالكامل وصار الموقف معي وفي صفي وليس ضدي، وفي ذلك الوقت سيتغير وضعي من "سيدة" وسأصبح "سيد" فبالتالي سأجد الكل يتعامل معي بمنتهى الحرص لكوني "سيد"، فالأمر هنا مجهول تمامٍ؛ فربما أكون سيد العمل، أو سيد القوم، أو سيد القبيلة، أو سيد العشيرة، أو أو ..الخ، إذن الفرصة هنا ستكون لصالحي لأني سأعيش موقف "السيد" لعدة أيام أو أسابيع أو شهور، أو ربما ووارد جداً، بأني سأتمكن من حكم دولة ما، لمدة أكثر، قد تصل لسنوات أو ربما لعقود زمنية بدون أي منازع لي، باعتبار أني "سيد" لا تعيبه ولا تعرقل مخططاته الشيطانية "تاء مربوطة" ففي ذلك الوقت أيضاً، سوف لن تهتم الناس ما إذا كنت حقا "سيد"، أم أنها كذبة ضحكت بها عليهم كل هذه السنوات أو بالأحرى كل تلك العقود.
وعند كتابتي لصفة "ليبي" بدلاً من "ليبية"، أوووووه فهذه الصفة حقا ستهبني الحرية كل الحرية، بدون أي حدود ولا قيود، وستوفر لي الإحساس الدائم بالأمان، وسيكون من حقي أن أعمل أي شئ وكل شيء، ولا أتحاسب بل والأكثر من هذا؛ بإمكاني أن أحاسب أي إنسان أخر يحمل نفس الصفة مع إضافة حرف"التاء المربوطة"له. كما أنني أؤكد للقارئ أيضاً، بأني في ذلك الوقت أي عندما أكون "ليبي" بدون تاء مربوطة، أستطيع أن أتجاوز كل العادات والتقاليد في المجتمع الليبي الذي أعيش به، ولن أجد من يحاسبني أو من يقف ضدي أو يتهمني، بل سيقدم لي الجميع كل الأعذار، وسيغفر لي المجتمع كل أخطائي بدون استثناء، حتى وبدون أن أطلب منهم ذلك، لا لشيء فقط لأني ليبي ولست ليبية؛ يشوبها ويشوهها ويعيقها حرف التاء المربوطة.
أما عند كتابتي لصفة مسلم، فالحقيقة الأمر هنا صعب جدا ولا يحتمل النقاش فيه، وإذا تحدثننا عنه بدون مراعاة وبدون تحفظ، أخشى ما اخشاه أن أضع نفسي في موقف محرج، أو أن أصل إلى نقاط تعد حساسة للغاية في وقتنا الراهن، وتعد خطوط حمراء من المفروض أن يحترمها المرء ولا يتجاوزها إطلاقا.
وبناءً على ما سبق ذكره من أسباب، فأني سأكتفي بقول - قد لا يختلف الأمر كثيراً بين مسلم ومسلمة، إلا أن الأخيرة - سامحها اللهملزمة من قبل الجميع أن تطيع زوجها طاعة عمياء،، خرساء،صماء. ولو كانت هذه الطاعة لزوجها فحسب، لكان الأمر قد هان علينا بكثير، بل الأسوأ من ذلك يفرض عليها أيضاً، أن تطيع كل من لا يحمل هذا العائق المشاغب "اللئيم"، المسمى بـ (حرف التاء المربوطة).
هذا هو حرف التاء المربوطة، وهذا هو عدوي وعدو كل من تحمله، وما أتأسف له وعليه بأن من حملت هذا الحرف، لم تُسأل، ولم تُخيّر، ولم تكن تقصد حمله، بل وجدت نفسها مكرهة في هذه الدنيا والحياة عليه، فماذا عساها أن تفعل؟ وما السبيل لها حتى تتمكن من نيل حقوقها كاملة، وكسب حرياتها مثلها مثل أخيها "الإنسان" الذي لا يحمل هذا الحرف؟إن حرف التاء المربوطة هو حرف من حروف لغتنا العربية، ولكنه يكاد يكون عدو ماكر وحقيقي، هضم الكثير والكثير من حقوق المرأة، واستعبد العديد من الإناث شر إستعباد، وخصوصاً عندما تكون حاملة هذا الحرف، تعيش في مجتمع كمجتمعاتنا العربية والشرقية، تلك المجتمعات التي يستخدم الناس فيها هذا الحرف من اللغة العربية، فقط للتمييز بين من تحمله وبين من لا يحمله. وأن ما يزيد من حجم هذه المعاناة وتفاقمها في مجتمعاتنا، أن هذه المأساة وهذا العنصرية وهذا التمييز موجودان ومتأصلان فينا، ليس اليوم أو بالأمس القريب، بل قديمة بقدم وأصالة وعراقة هذا الحرف.
السيدات والسادة القراء، إن الحروف، والكلمات، وكذلك الصفات لا تعادي الإنسان، ولا تشكل له مشكلة في حد ذاتها، مهما كانت الطريقة التي تكتب أو تنطق بها، ومهما كانت الحروف المضافة إليها، بل أن المشكلة الحقيقية تقع في الإنسان نفسه، ومدى قبوله وكيفية تعامله مع هذا الحرف وصاحبة هذا الحرف!
 فإذا كان هذا الإنسان حقاً إنسان متحضر وواع وآدمي (ينتمي إلى بني آدم حقٍ) فسنجده يتعامل مع حاملة حرف التاء المربوطة بطريقة مهذبة ومحترمة وإنسانية، أم إذا كان هذا الشخص غير طبيعي، أو مريض أو فظ أو ناقص عقل و أخلاق وايضا دين، ولا يحسن التعامل مع من تحمل هذا الحرف، ويتصرف معها بطريقة بذيئة ومتخلفة متناسيا عمداً بأنها إنسانة مثله، فتصبح المشكلة والعلة ليست في حاملة الحرف، ولا في ذلك الحرف نقسه ولا حتى في اللغة العربية، ولكن المشكلة تكمن في ذات الشخص، وفي تركيبته الشاذة والمعقدة، وفي ضحالة تفكيره وفي تدني وإنحطاط مستوى أخلاقه وتخلفه، و في عقليته المتحجرة والفاشلة والعقيمة (اكرمكن الله).
فيا أخي الإنسان الشرقي عامةٍ والعربي خاصةٍ، كن على علم، بأن حاملة هذا الحرف ليست فقط تلك الإنسانة الغريبة عنك، ولكنها ايضاً هي أمك وأختك وزوجتك أو ربما كذلك أبنتك.
 فلا تقلل من شأنها وأحسن معاملتها، فهي من تكملك وهي النصف الآخر من مجتمعك، فكن لها خير سند ومعين، فتكن لك خير آنيس وشريك
وأخيراً.. أهنئ كل أخواتي النساء بحلول العام الجديد .. كل عام وجميع حاملات حرف التاء المربوطة بخير الخير وسعادة السعادة وهناء الهناء.
ــــــــــــــــــــــــــ
ليلى أحمد الهوني

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

lailaelhoni_68@yahoo.com, blaila89@hotmail.co.uk