ذاكرة لم ولن أنساها
عندما تحصلت على رقم هاتف الأستاذ فاضل المسعودي، كنت أقوم بالاتصال به باستمرار.
ولكن حالي المشابه للعديد من "الشرقيين" كنت وبمجرد ان ترد علي (الأسطوانة) الآلية، بانه غير موجود ويمكنني الاتصال به لاحقا (باللغة الفرنسية التي كان يتقنها) او ترك رسالة صوتية بعد سماع الصافرة، كنت أقفل الخط مباشرة، حتى دون المحاولة بعدها بقليل.
مرت الأيام على هذا النحوِ، الا إنه ذات يوم أخبرني زميل لي، بأن أقوم بالاتصال به مرة اخرى، وأحاول ترك مسج صوتي اعرّف فيه عن نفسي له، ومن ثم أقفل الخط وأعيد الاتصال به مرة اخرى بعد دقائق، عندها فقط سيعلم من أكون ولن يتردد في الإجابة على اتصالي. ففعلت.
وقد كان حقا وكما ذكر لي السيد الزميل، بان قام الاستاذ فاضل بالرد على اتصالي الذي تبع الاتصال الأول.
كانت الأسباب التي تدفعه لفعل ذلك، وكما ذكر لي لاحقا كثيرة، تعود معظمها لأمور أمنية، يأتي مطاردة انقلابيو سبتمبر له بنية تصفيته -رحمه الله - على رأس تلك الأسباب.
منذ ان رد على إتصالي المذكور، وقلت مرحبا أستاذ فاضل ولَم أكمل التعريف عن هويتي، حتى وجدته يقول لي "ليلى" أهلًا بك يا بطلة.
كانت هذه المرة الأولى التي أسمع فيها شخص يناديني بهذا اللقب، ولا أخفيكم الحال كم كانت سعادتي عظيمة لا يمكنني وصفها لكم، وأنا اسمع هذا "الوصف العظيم" من رجل وطني عرف على مر العقود بنضاله المتواصل، لأجل نصرة القضية الليبية الكامنة في وجود عسكري انقلاب سبتمبر حاكما على ليبيا.
وايضا يجب ان انوه هنا، بان مثل هذا الوصف لم اسمعه حتى ممن عرفوا باني حقٍ بطلة، لا لشيء فقط بسبب نعراتهم الجهوية، ولأني لست تلك (الشرقاوية) التي في نظرهم تستحق ان تتحلى بمثل هكذا لقب، بل انها الأسوأ من ذلك فهي عميلة للانظام السابق كوني (غرباوية) واكثر ما يؤسفني ان بعضا من أشباه الرجال، ذات الأصول (الغرباوية) قد انجروا وراء ذلك التخلف المزروع في تلك الانفس، فأُعميت بصيرتهم تماما لوجود هذه النعرات بينهم، فكانوا سبب فيما اوصولني إليه من الآم ومعاناة تفوق مرارة الغربة والاغتراب بكثير، لا سامحهم الله جميعاً، ولا سامحتهم أرواحهم وأنفسهم، ولا عطفت عليهم حياتهم ما عاشوا وما سيعيشون بعد.
ابدا فقيدنا الاستاذ فاضل لم تتزعزع ثقته فيّ ولو للحظة واحدة، بل الاكثر من ذلك انه قد سارع في القدوم من سويسرا (موطن لجوئه) إلى بريطانيا فقط كي يكون معي وبجانبي بنية مواساتي وشد ازري والاخذ بخاطري.
مرة أخرى ومرات عديدة ها انا أصرخ طالبة سماحه، رافعة طالبة قرب لقائه ونحن بجوار رب العالمين.
آمين
ليلى أحمد الهوني
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
lailaelhoni_68@yahoo.com, blaila89@hotmail.co.uk