إننا يا ليبيا لن نخذلك.. بقلم/ د. محمد المبروك

وصلتني عبـــر البريد

"وخذي منا وثيقات العهود إننا يا ليبيا لن نخذلك"

بقلم/ د. محمد المبروك مسعود

قام الشباب الليبي باشعال فتيل الثورة ، فالتف حولهم بقية شرائح المجتمع، لكن عطاءهم ، دماءهم و مهجهم لم تتوقف عن التدفق حتى سقط نظام الطاغية ، كان للشباب دوراً في التظاهر ،في العمل الإعلامي ، العمل الخيري الخاص بالإغاثة ، جمع السلاح ، حفظ الأمن في المدن ، هذه أعمال رائعة ساهم فيها الشباب مساهمة جليلة.

امتلأت بالفخر و السرور و أنا أرى الشباب و فيهم طلاب الجامعات في مدينتي البيضاء و شحات يتواجدون في ميادين الإعتصام، ونقاط التفتيش يحملون السلاح ، يدافعون عن عرينهم و عرين أبائهم وأجدادهم ، أسقطوا نظام الطاغية و كتائبه في أربعة أيام ، ورفعوا شعار " قبيلتنا ليبيا ".

هؤلاء الشباب قدموا الأنفس لتعيش ليبيا حرة مستقلة ينعم أهلها جميعا بالعدل و المساواة، لم يخذلوا ليبيا كما خذلها البعض، لم يقفزوا إلى الكراسي الأولى لييتقلدوا مناصب في الدولة، لم يتجمعوا على موائد الخبثاء ليظفروا بتكليف أو تعيين هنا وهناك، بل فضلوا مناصب الرحمن في جنة الخلد، ومن كتب الله له الحياة عاد إلى مدينته و أهله، لم نسمع منهم صوتاً يطالب بالمناصب و الأموال ، و لا عجب فهم تقلدوا احترام الناس لهم و ملؤا جيوبهم بالمجد والفخار ، و ستظل ملحمة تحرير ليبيا في أذهانهن يروونها بفخر لأبنائهم وأحفادهم.

احدى الأخوات أرسلت رسالة قصيرة تقول فيها "الثوره قام بها الشباب اليافعين والمجلس "يردس شياب" .... يرتعشون وهم يتكلمون وتبدو فيهم علامات التقدم فى السن ."

لا أخطي إذا قلت أن ليبيا دولة الشباب ، فالشباب يمثلون العدد الأكبر من السكان ، لذلك نريد الشباب اليافع ، القادر على العمل الوطني ، المتخصص في علمه و مهنته أن يتقدم الصفوف الأولى، و أن يحل محل من تجاوز سن التقاعد، سن الشباب هي سن العطاء أما من تجاوز الستينات من العمر و هو لا يملك مهارات الإدارة و السياسة و لا التعامل مع الإعلام ولا يحسن الكلام و ليس لديه رؤية للمستقبل فعليه أن يبقى معززاً مكرماً في مدينته، لا يستطيع أحد أن ينتقص من حقه مثقال ذرة.

أستغربت كغيري من الليبيين أن أعضاء المجلس الوطني و أعضاء المكتب التنفيذي أكبر سنا من رؤساء و رؤساء وزارات دول التحالف (باستثناء الكهل المتصابي برلسكوني)، هؤلاء الرؤساء وصلوا إلى السلطة في بلادهم عن طريق الديمقراطية و لأن دماء الشباب تغلي في عروقهم ، و لأنهم اقنعوا الناخبين برؤيتهم و خططهم و سياساتهم، و لأنهم شباب قادر على العطاء، ألا تستحق منا ليبيا الدولة الفتية أن يقودها لشباب المتعلم و المستنير و الذي لديه برامج للتطور و التقدم؟

نريد أن ننهج نهجاً فيه الخير للأجيال القادمة ، نريد انتخاب مجلس وطني تأسيسي لا يدخله من هو فوق الخمسين سنة، نريد انشاء جيش وطني من الشباب ، نريد انشاء أجهزة أمنية وطنية تحترم حقوق الإنسان و تدافع عن أمن الوطن و يكون عمادها الشباب ، نريد صحافة شابة تراقب أداء الحكومات المتعاقبة و تحترم وطنها و أمتها، نريد مِن مَن وصل إلى سن التقاعد في الشركات العامة و في المرافق العامة ، أن ينسحب بهدوء ويستمتع بليبيا الحرة ، نريده أن يزور كل بقعه من بقاع ليبيا ليهنئها بالنصر و التحرير، لا نريدهم أن ينفقوا أموالهم في صباغة شعورهم ، و تضييع وقتهم و وقت وطنهم في تعديل أعمارهم و ممارسة أعمال لا تليق بسنهم و لا بقدراتهم العقلية.

نريد لليبيا الشابة أن تعانق الشباب، نريد رؤية شابة متقدة بالحماس و الوطنية ، تمتد لخمسين سنة أخرى ، تسود فيها الطمأنينة ، العدل ، و توزع فيها الخدمات و تشارك كل قرية و مدينة في القرارات الاقتصادية و الإجتماعية و السياسية ، و أخيراً نريد أن نقول لحبيبتنا الشابة

"وخذي منا وثيقات العهود إننا يا ليبيا لن نخذلك"

دكتور محمد المبروك مسعود

*************