مر على تحرير ليبيا من المردوم معمر القذافي

الخميس، فبراير 06، 2020

قالك ... ملك ورجال! ... تنويه بقلم/ ليلى أحمد الهوني


قالك ... ملك ورجال!

بقلم/ ليلى أحمد الهوني


(تنويه لما جئ في كتاب (ملك ورجال) للكاتب شكري السنكي والذي شارك به مؤخرا في معرض الكتاب بمدينة القطائع القاهرة اليوم)

 عندما يأتي إليك إنسان جاهل أمي أي (ارحم من قرى وورى) ويقول لك قال سيدي فلان أو علان فتحاول أنت بدورك جاهدا، بان توضح له الأمور بطريقة مهذبة بحيث لا تحرجه ولا تقلل من قيمة ومستواه التعليمي، بل على العكس تحاول ان تستخرج من بضع كلماته مفهوم آخر حتى لا تسئ له فتجرح وقاره و "شيبته".

 ولكن مما يثير صدمتنا اللامنتهية ولن تنتهي، عندما يخرج عليك شخص يعد كاتب ومؤرخ وصاحب مكانة تعتبر من الكتاب السياسيين إلى حد ما، يسعى بكل ما لديه من مقدرات كتابية لصياغة تأريخية في عصور كانت تعد ضمن الظالمة المظلمة في الحياة الليبية، يعمل عليها أناس جاهدون بناتها وابنائها لينطلقوا بها إلى مستقبل أفضل لأجل جيل قادم ملئ بالتفاؤل والتقدم، ونحو حياة ودولة واعية تهدف لكي تصبح دولة مدنية ديمقراطية تمحو زمنًا كان فيه حكم الفرد وهيمنته هما العاملان في المعادلة السياسة للدولة، والجميع مكتوف الأيادي مكمم الأفواه.

 ومن قبل هذا الحكم كان هناك حاكم يدعى "ملك" وهو ليس له من مقومات الملكية المدعية من شئ الا لباس الزي الوطني الليبي الكامل المكتمل، وفرض سيطرته وافكاره التعسفية الركيكة والغير متزنة في منع التعددية الحزبية مثالا، واحداث مظاهرات طلبة الجامعة في يناير 1964م التي اطلق فيها الشرطة النار على المتظاهرين وقد قتل فيها اثنان من الطلاب, ولم يتدخل في ذلك النزيف ملككم حتى بمقدار قشة،

 وغيرها من الأمور كمصادرة بعض الصحف وحصرها، وإعطائه كامل الصلاحية لاسرته لا والله بل لقبيلته وكل من يحمل لقب "السنوسي" في عصره بالبلاد آنذاك كي يفعل بالشعب الليبي البسيط كل ما يريده. وما يأتي على هوائه، وتحاول أنت أيها الكاتب المرموق بان تزيد على هذا الطين تلك "البلة" لتصبح علينا وعلى ليبيا بأسرها وحل لا مخرج منه.

عندها فقط يجب على القارئ من متابعينك أن يقف أمامك بحزم ليوضح لك ما خفي ويخفى عنك، وكم كنت أتمنى ان كنت قد تقصيت جيداً ومن عدة جوانب وأشخاص قبل ان تخط مخطوط ذلك الكتاب الذي به من المديح ما ينجح في محى الذاكرة وغسيلها ولن تكون عندها إلا في نفس مستوى المقبور القذافي عندما كتب كتابه أخضر اللون وفرضه على أجيال متتالية ليتمكن من زرع ترهاته التي نقشها بفعل المقربين منه وفرضها عنوة في عقل كل تلك الأجيال سابقة الذكر. ومازالوا يفعلون.

 وحتى لا أطيل عليكم محاضرتي ومقارنتي الحقيقية والواقعية، فاني مضطرة لأن أضع الآن النقاط على تلك الحروف آلتي قد تكون طارت او طيرت فالأمر يعد سيان المهم إن الكتاب قد كتب وقد تم النشر فعلًا لا قول وعلى نطاق واسع، ولا أعلم ما إذا كان لارضاء مخيلتك او لإرضاء الأصدقاء من أسرة ملككم المفككة والغير مترابطة أصلا!

 ولعل ما رواه لي احد المعارف وتحديدا الأستاذ فاضل المسعودي* بان عمي (اخ والدي) المرحوم (القاضي محمد كامل الهوني) وتحديدا بين عامي (1964-1963م) كان هو القاضي الوحيد الذي تجرأ في قضية اغتصاب أطفال دار الرعاية المعروفة في تلك الفترة الملكية، والتي لم يتجرأ قاضي من بين قضاة ليبيا الذين يعدوا على أصابع اليد غيره للفصل فيها، بحكم ان المتهمين في تلك القضية الحساسة والتي تمس بمكانة رجالاته ناهيك عن شخصه قد كانوا من اقرباء الملك نفسه وياتي عابد السنوسي بعينه على رأس هذه الخلية الإجرامية، ومعه ستة اخرين من نفس مكانة عابد السنوسي أو اقلها ليس بكثير.

 ولكن لم يتم تنفيذ الحكم الذي كان يتراوح ما بين المؤبد والإعدام شنقا للمتورطين في هذه الجريمة اللاإخلاقية بغض النظر عن مكانتهم ومناصبهم في إدارة شؤون الدولة إبان الحكم الملكي للسيد محمد إدريس السنوسي كحكم مؤكد ينص عليه دستور 1951م المعترف به بل كل الأعراف الدولية في ذلك الزمن!

والأسوأ انه قد تم احالة عمي القاضي محمد كامل الهوني على ذمة التحقيق ومن ثم فصله عن منصبه، ومن ثم إحالته تعسفًا على التقاعد، الأمر الذي جعله يتخذ من مهنة المحاماة الخاصة عملًا له حتى وافته المنية في 1979/2/17م،

 كل ذلك وأكثر منه قد يكون قام ب بإخفائه البعض لخير دليل على مدى فساد الحكم الملكي المدعي في ليبيا إبان عهده،، ولأوضح لك صورة ملكك الذي غطى ورجاله الذين فعلوا جريمتهم النكراء في حق الأطفال الأبرياء ومن هم أولائك الأطفال؟ انهم يا سيدات ويا سادة أطفال دار الرعايا الذين ليس لديهم ذلك الحضن أي حضن احدى الوالدين كي يرتموا فيه ويعبروا عن مأساتهم الفظيعة ومصيبتهم الجلل الشنيعة.

 ناهيك عن كل ما ذكرت أعلاه اضمحلال تفكير ونرجسية ذلك الملك وحبه لذاته وعدم ادراكه لمجريات الدولة من حوله للدرجة التي سهل على ذلك المردوم المقبور الملازم معمر القذافي أن ينجح في محوه هو وفترة حكمه في انقلاب عسكري ذليل رخو وفاسد في وقت لا يتعدى إلا ساعات قليلة.

 الأمر الذي زاد من مستوى التدني العلمي والثقافي في البلاد والتأخر في جميع المجالات الحياتية ناهيك عن فساد ذلك النظام بالنسبة للمواطن الليبي الذي لم ينال حريته المرموقة حتى يومنا هذا ولم ينال مستحقاته التي يحلم بها جيل خلف جيل كنتاج لعصور متتالية من الجهل المفروض عليه وتبعاته!

 كل ما سبق ذكره حول ما قام به الملك ورجاله (ابطال كتابكم) كان مجرد تنبيه لما أُسقط سهوا أو قد أسقطته سيادتكم عمدًا عن تلك الفترة التي جعلت لنا منها أسطورة على هيئة صورة ملك ورجال. ولكن الأمر ليس بالغريب عنك وأنت تعيش في دولة المديح لغير أهله، كما إن هكذا هي الطبيعة العربية بصفة عامة في فن الإبداع في ضرب الدفوف وأحيانًا التصفيق وحتى الزغاريد لمن لا يستحقون ذلك،، وقد عرف بهذا النوع من التطبيل لدى العرب بصفة عامة ومنذ قديم العصور والزمان.

ولعل لأبيات الشعر التي قالها زياد بن معاوية بن سعد بن ذبيان والذي عرف ويعرف بالنابغة الذبياني حين قال وهو يمدح ويثني على الملك النعمان بن أبي قابوس لأجل إرضائه ونيل حسن معاملته وعدم تعرضه للقتل كالبعض من غيره ، بقصيدة طويلة هذه بعض أسطر من أبياتها
 فإنك شمس والملوك كواكب
 إذا طلعت لم يبد منهن كوكب
 ولست بمستبق أخا لا تلمه
 على شعث أي الرجال المهذب
 فإن أك مظلوما فعبد ظلمته
 وإن تك ذا عتبي فمثلك يعتب

 وغيرها الكثير من شبيهاتها والتي وإن دلت على شئ فانها تدل بشكل جلي على انصياع العرب الدائم لحكامهم، وقول الشعر وكتابة القصص الأسطورية عنهم وعن عصورهم حتى بعد وفاتهم، ولو كانت تلك العصور والأزمنة تعد ظالمة بشهادة الجميع تقريبًا.
ولكن توجب عليهم في هذا الشأن الإطراء ليس لأجل إرضائهم هم فهم قد رحلوا وانتهى امرهم بل لأجل إرضاء أهلهم وذويهم من بعدهم حتى لآخر نسل من نسلهم.

 فهل كتبت في كتابكم (ملك ورجال) عن كل ما سبق ذكره شئ!؟ 
———————————

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

lailaelhoni_68@yahoo.com, blaila89@hotmail.co.uk