مر على تحرير ليبيا من المردوم معمر القذافي

الخميس، فبراير 06، 2020

وباء ...بقلم/ ليلى أحمد الهوني.. (قصة من نسيج خيال الكاتبة)


وباء Wabaa
 (Epidemic)

 بقلم/ ليلى أحمد الهوني



 (قصة من نسيج خيال الكاتبة)

(( تروي معاناة بعض الشباب من داء العصر كورونا الجديد))

 أربعة شباب يعيشون في منزل واحد بالإيجار ثلاثة منهم من عائلة واحدة هم الأخت والأخوين، الأخ الأكبر لديه خليلة "عشيقة" تعيش معه في نفس الحجرة، أما الأخت والأخ الآخرين كلا منهما يعيش في حجرته ولكنهم جميعًا يعيشون في نفس البيت.

 الشاب مع خليلته كانوا في رحلة حول العالم للتنزه، وكانت وأهان بؤرة مرض كورونا الوبائي هي اخر محطاتهم أي قبل عودتهم للمدينة التي يقيمون فيها وهي في احدى المدن البريطانية، علمًا بانهم جميعا وكما ذكرت آنفًا يقيمون في منزل واحد وهو على مقربة من بيت والدهم الذي يقطن فيه مع الأم فقط.

 في بادئ الأمر لم يظهر آثار ذلك الوباء على العائدين من تلك الرحلة المزعومة، ولكن بعد مرور ثلاثة أيام تقريبًا بدأت العلامات تظهر عليهما شيئًا فشيئًا الأمر الذي دفع الأخت والأخ الأخريين بان يحاولوا إعالتهما باعتبار الرابط الاخوي والصداقة التي تربط بعضهم ببعض، ولكن الأمر ازداد سوأ عندما أصيبا هما أيضًا بنفس ذلك الوباء.

 خرجوا جميعهم مسرعين طالبين النجدة من أبويهما اللذان كانا يسكنا لوحدهما على مقربة من المنزل الذي يقيمون فيه، ولكن الأب الذي فتح لهما الباب حاول بذل جهده لإنقاذ نفسه وزوجته من ذلك الوباء، ففرض عليهم التسلل إلى الأعلى والإقامة في حجرة النوم جميعا منعزلين عن الأم،

وتعتبر هذه الحجرة هي اكبر حجرات بيت الأب، وقد أخذ الأب احتياطه منذ ان رآهم بتلك الحالة وقبل دخولهم للبيت التزم بلباس الأوقية اللازمة للتردد عليهم ومساعدتهم في جلب الأكل اليهم وكلما دعت الحاجة لدخول احدهم إلى الحمام يقوم الأب بتوصيله اليه ثم إعادته لتلك الغرفة ومن ثم يقوم جاهدا بتطهير الحمام تماما مما قد يخلفه ذلك المريض من مرضه. كان كل يوم يأتي اليهم بغذائهم ومن ثم يأخذ الصحون ويطهرها بمعرفته الاحتياطية الاحترازية الوقائية.

 كان الابن الأكبر يحب قراءة الكتب فجلب له والده الكثير من الكتب التي كان يريدها ويرغب في قراءتها، أما خليلته فقد كان همهما هو كيف التواصل باستمرار مع اختها ووالدتها اللذان يقطنان خارج تلك المدينة بمسافة بعيدة فكانت باستمرار على اتصال وتواصل هاتفي بهما لطمأنتهما على أخبارها، أما أختهم فقد كانت محبة للعطور، للوحاتها الفنية التي رسمتها والتي كانت اغلبها قد علقت لها خصيصا في تلك الحجرة فأحيانا كانت تشاهد لوحاتها وتبدي نقدها حولهم وأحيانا أخرى تمسك بتلك العطور التي معها في الغرفة محاولة استنشاق رائحتها بالرغم من ان الوباء يضيق على تنفسها.

 أصغرهم كان الابن وقد كانت لديه أحلام كبيرة في النجومية والظهوو، فقد كان طيلة الوقت أما ان يخبر الموجودين معه بهذه الآمال والطموحات أو ان يهمهم بينه وبين نفسه بكل ما يشغل باله من تلك الطموحات، وأحيانًا يقوم بمشاهدة الأفلام التي كانت تعجبه، والتي جلبها له والده للغرفة التي يقيم بها!

 الكارثة التي مرت على الأم والأب أنستهما بانهما لم يبلغا عن حالات ابنائهم وقد احتفظوا بهم في غرفة في البيت بدون العودة للدولة التي يقيمون بها والإبلاغ عن تلك الحالة ظنا وحرصا منهم على الاحتفاظ بابنائهم لديهم ومعهم حتى النهاية،  ولكن كل ذلك كان خارج القانون الذي تفرضه تلك الدولة المقيمين بها، ولكن تمسكهم بابنائهم نجح في إلهائهم على ما هو اهم من المهم الا وهو إبلاغ الجهات المختصة والمعنية بتلك الحالة.

 استمر الأب لمدة أربعة أيام في جلب الأكل لابنائه وصديقة ابنه التي معهم في نفس الغرفة والدخول وأخذ الصحون من داخل الحجرة. وفي اليوم الرابع دخل الأب وجدهم مازالوا نايمين على السرير جميعا من اليمين إلى اليسار صديقة الابن الأكبر جنبها الابن الأكبر ثم الابن الأصغر وأخيرًا أختهم. ووجد بان الأكل لم يلمس منه شئ تقدم الوالد لإيقاظهم من نومهم!

سحب الغطاء من عليهم فوجدهم جميعا جثت هامدة! صرخ الأب باكيا وبأعلى صوته (إنا لله وإنا إليه راجعون) سمعنا من الأسفل صرخة للأم المتحسرة على فقدانها لأبنائها.

 بدأت الدولة حينها في التحقيق مع الوالدين وقد كلفوا هما بدورهما محامية قامت بشرح ووصف الأمر برمته من الناحية الإنسانية وان الأمر كان غير مقصود به الا ان يظلوا في أيادي والدهم الأمينة حسب تصورهما ولم يكن بنية قتلهم أو رميهم في التهلكة بقدر انه كان نوع من الحفاظ على الابناء لآخر لحظة في حياتهم.

 حكمت المحكمة الدنيوية ببراءتهما، وظلا في انتظار المحكمة السماوية في حقهما، وهل ما قاموا به هو الأمر الصحيح في حق وخدمة ابنتهما و ابنائهما وصديقة ابنهما؟ أم انهما قد اخطأوا في تقديرهم وتصرفهم مع هذا الأمر والموقف الصعب برمته!؟
~~~~~~~~~~~~
ليلى أحمد الهوني

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

lailaelhoni_68@yahoo.com, blaila89@hotmail.co.uk