مر على تحرير ليبيا من المردوم معمر القذافي

الأحد، يناير 03، 2016

(قصة ليلى والذئب برؤية عصرية .. 2010)

ليلى وحبيبها الذئب*

 (قصة ليلى والذئب برؤية عصرية)
 2010

(إعادة نشــر)


منذ كنا صغارا ونحن نسمع عن قصة ليلى والذئب، وكل القصص التي كانت قد رويت لنا، سواء تلك التي سمعناها من أخواتنا اللاتي يكبرننا سنٍ، أو من خلال بعض الأشرطة المسموعة، التي كانت تروي قصة "ليلى والذئب"، تقول بأن ليلى لم تكن أبداً يوماً حبيبة أو صديقة، أو معجبة مجرد إعجاب بذلك الذئب.
 ولكن مالا يعلمه الجميع، بأن ليلى رفيقة الذئب لم تكن طفلة، بل كانت شابة يافعة وجميلة، مليئة بالحيوية والنشاط، ولم تكن تكره الذئب أو تخاف منه، وانما كانت تهواه و تعشقه، وكان الذئب يبادلها ذلك العشق بل وأكثر من ذلك أيضاً. كما أن ما قامت به من لعبٍ ولهو مع صديقاتها، لم يكن قد حدث معها عبثاً أو دون قصد، بل كانت "شقاوة" محبين، الغاية منها فقط لتفسح بها المجال أمام حبيبها الذئب، حتى يدخل إلى بيت جدتها، ويتظاهر بأنه أكل جدتها، وأخذ مكانها ولبس نظارتها، وهو في حقيقة الأمر، أن الذئب لم يأكل جدة ليلى، بل كان قد استبعدها بطريقة ذكية عن بيتها، وذلك عندما خافت الجدة منه، وفرت هاربة إلى مكاناً بعيد، تاركة لهما بيتها كما هو، الآمر الذي مكن الذئب "حبيب ليلى"، من مقابلة ليلى بمفردها في بيت جدتها، حيث المكان المطمئن والأكثر آمانا لهما، والذي لا يمكن لأهلها أو حتى لكل أهل القرية، أن يراودهم حتى مجرد الشك فيه.
 عندما تلاقت ليلى وحبيبها الذئب في بيت جدتها، كان الوقت قد تأخر، وداهم الليل القرية، وعم الظلام طرقاتها وهدأت الحركة فيها تماما، وأستقر الجميع كلاً في بيته، و أتيحت لليلى وحبيبها الذئب، أن يكون لقاؤهما لقاء رومانسي رائع وجميل، لأن بيت جدة ليلى كان كوخاً صغيرا، وكان يقع بين أشجار الغابة الخضراء الكثيفة، وبما أن الوقت قد تأخر قليلاً وقارب على دخول الليل، فقد كانت الشموع موزعة في كل أنحاء البيت، بشكل منظم وهادئ وجميل، وكان صوت الرياح، يداعب مسامعهما كأنغام موسيقى الحب، وكانت المدفأة الطبيعية "ذات الحطب" تدفئ المكان، وتبعث فيه الراحة والأمل والآمان. اقتربت ليلى من حبيبها الذئب، وهي ترتعش من الخوف ومن شدة البرد وكذلك من رهبة الموقف.
 فتظاهرت أمام حبيبها الذئب بأنها لم تتعرف إليه، وأخبرته بأنها خائفة وتشعر بالبرد، وأنها تحتاج إلى أحضان جدتها الدافئة، فطلب منها الذئب أن تقترب منه، وأن ترتمي بين ذراعيه، لكي يدفئها ويمدها بالأمان الذي تحتاج إليه، ففرحت ليلى ووافقت على الفور، لأنها كانت حقاً تحتاج كثيراً لحضن حبيبها.
 عندما وضعت ليلى رأسها على صدر الذئب حبيبها، سمعت بوضوح خفقان قلبه، وشعرت بنبضات حبه الصادق، وأحست وهي ملقية برأسها على صدره، بأن جسده يرتعش من عمق حبه لها، ولم يكن الذئب وحده يرتعش فقد كانت ليلى آيضا كذلك، أو ربما أشد منه رعشة وارتباكاً، ولكنها في نفس الوقت كانت تشعر وهي قريبة من أحضانه وبين ذراعيه، بكثير من الحب والطمأنينة والحنان، وكذلك كانت تشعر بأنها اقتربت أكثر من حبيبها الذئب، ذلك الحبيب العظيم الذي لطالما شغل تفكيرها، وسرق النوم من عينيها لِأيام بلياليها، ولكن بقربها هذا منه وهي في أحضانه الدافئة، كانت قد لمست بأيديها آمالها، وتحققت بوجودها معه كل أحلامها.
 ظلت ليلى في أحضان ذئبها، تتمتع بالنظر إلى عينيه، وتلتقط الدفء من أنفاسه، والراحة والسكينة من حرارة جسده، ونبض قلبه، ونبرات صوته، وكان بين الحين والآخر يهمس لها في أذنها، أدوع وأعذب كلمات الحب والحنان، ويبعث في قلبها كل معاني الأمان، فيعاهدها بسعادة معه طوال السنين والأعوام. ثم رويدا رويدا تمددت ليلى بجانب حبيبها الذئب، وإسترخت معه على فراش جدتها، ذلك الفراش الذي أصبح بوجود الذئب حبيبها معها، عرش من عروش الحب والعشق والهيام.
 مر الوقت وأزداد الظلام حلكة، وتعالى حفيف أوراق الشجر وصفير الريح، فازدادت ليلى قرباً لأحضان حبيبها الذئب، كما ازدادت آنوار شعلة الحب بينهما، وتوهجت أكثر مشاعر العشق في قلبيهما، وأخذتهما تلك الليلة الرائعة وهما بذلك المنظر الجميل، وبهذا الحب المقدس العظيم، إلى عالم من السعادة والهناء، حيث عاشا أعظم وأروع ليلة في الحياة.
 مرت ساعات وساعات، وجاء اليوم الثاني، فتبدلت أصوات الرياح والأشجار، وحل محلها صوت شقشقة العصافير، وهدير مجرى النهر، وانطفأت الشموع، وأشرقت أنوار الصباح الجميل، لتضيء ذلك الكوخ البسيط، وخمدت نار حطب المدفأة، وتغلغل دفء شمس النهار، ليدفئ المكان بعد ليلة من الحب والبرد الشديد.
 فتحت ليلى عيناها مستيقظة من نومها، في يومٍ جديد لعامٍ جديد، نظرت بكل حب لحبيبها الذئب، وهو مازال نائماً بجانبها في سباتٍ عميق، فقبّلت رأسه بحنان وهمست في أذنه أحلى الكلام، ثم لبست حذائها وتوجهت إلى باب كوخ جدتها، مودعة بذلك ليلة حب أسطورية، ليلة من قصص ألف ليلة وليلة، وخرجت من الكوخ تجر رجليها، عائدة لبيتها، تاركة لحبيبها ذكرى جميلة، في ليلة سعيدة وعظيمة، من قصة ليلى وحبيبها الذئب برؤية عصرية جديدة.2010.

 يقول الأديب قاسم حداد

 ما أجملك أيها الذئب ..جائع وتتعفّف عن الجثث
 ************** * 

محاولة أدبية لكتابة قصة قصيرة
كتبت في مدونتي السابقة المحذوفة 
بتاريخ 3/1/2010
============

هناك تعليق واحد:

  1. قوية .. ﺭﺃﻳﺖ ﻓﻴﻬﺎ ﺗﻨﺒﻴﻪ ﻟﻸﺑﺎﺀ ﻭﺍﻷﻣﻬﺎﺕ ﻣﻦ ﻛﻴﺪ ﻣﺮﺍﻫﻘﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻮﻗﺖ
    ﻭﻣﺮﺍﻭﻏﺎﺗﻪ ﺣﻴﺚ ﺣﻀﺮﻧﻲ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺼﺺ ﺍﻟﺘﻲ ﺣﺪﺛﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺴﻨﻮﺍﺕ
    ﺗﻈﻬﺮ ﺣﻨﻜﺔ ﻓﻲ ﻓﻦ ﺍﻟﺘﻤﻠﺺ ﻭ ﺍﻟﺪﻫﺎﺀ ﻓﻲ ﺍﺑﺘﻜﺎﺭ ﺍﻻﻋﺬﺍﺭ ﻭﺍﻟﺤﺠﺞ ﻟﻨﻴﻞ
    ﻓﺴﺤﺔ ﻣﻦ ﺣﺮﻳﺔ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻟﺘﻮﺍﺻﻞ ﺭﻭﻣﻨﺴﻲ . ﺍﺑﺪﻋﺖ ﻛﺎﻟﻌﺎﺩﺓ ﻃﺮﺡ ﺳﺎﺋﻎ
    ﻟﻜﻞ ﺍﻟﻄﺒﻘﺎﺕ ﺍﻟﻔﻜﺮﻳﺔ . ﺷﻜﺮﺍ ﻟﻤﺸﺎﺭﻛﺘﻨﺎ ﺍﻳﺎﻫﺎ .

    ردحذف

lailaelhoni_68@yahoo.com, blaila89@hotmail.co.uk